للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبروا بأنهم مفسدون في الأرض (١) وطلبوا من ذي القرنين أن يجعل بينهم وبين أنفسهم حاجزا يحول بين جميعهم حتى لا يصل ضررهم إليهم بخَرْج يعطونه إياه.

فامتنع ذو القرنين من أخذ الخرج، وأخبر أن تمكين الله له في السلطان (٢) خير من خرجهم بقوله: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} [الكهف: ٩٥] وطلب منهم الإعانة على بنيان السد فقط بقوله: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً} إلى آخر القصة.

وذو القرنين قيل إنه كان نبيا، والأكثر على أنه كان رجلا صالحا (٣)، وكيف ما كان فلا يحصر أمة ويمنعها من التصرف في منافعها إلا لأنها (٤) مستحقة عنده بذلك لإفسادها في الأرض.

وقيل: إن إفسادها كان أكلها للناس وافتراسها للدواب والوحوش كما تفترس السباع.

والإفساد في الأرض يطلقه الله تعالى على الكفار، قال سبحانه فيمن لم يؤمن بصالح - عليه السلام - من قومه: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} ... [النمل: ٤٨]، وقال: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً


(١) من: "فهل نجعل" من الآية، إلى هنا سقط من (ب).
(٢) في (ب): الباطن، وهو تصحيف.
(٣) وقد حكى الخلاف في ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح (٦/ ٣٨٣)، فراجعه لزيادة الفائدة.
(٤) في (ب): أنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>