للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«قالوا: ارجعوا تحفرونه غدا إن شاء الله» (ق.١٢٤.ب)، فإن صح ذلك فيحتمل أن يكون فيهم موحدون من غير أن تكون (١) عندهم شريعة.

ويحتمل أن تكون الدعوة بلغتهم إذ ذاك، وأما أن يكون أرسل إليهم رسول بعد الإسلام فباطل، لأن محمدا - عليه السلام - هو خاتم النبيين، وإن قدرنا إرسال رسول إليهم في حين بعث الرسل قبل نبينا محمد - عليه السلام - استدلالا بقوله تعالى: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٤] فلا يبعد ذلك، على أنه قد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: " يأجوج ومأجوج ذَرْء جهنم لم يكن فيهم نبي قط".

وهذا الذي قاله هو الظاهر من الشرع، فإن أوصاف الكفار هي الصفات التي تستقرأ من الشرع فيهم.

لكن يبقى الإشكال على هذا في كفرهم بأي شيء كان، ويشبه أن يكونوا على نوع من أنواع الضلال مثل عبادة الأوثان والتماثيل وغيرها، كما كان عليه أهل الهند وأهل الصين وغيرهم من سائر الأمم على مرور الأزمان.

ومن كان كذلك فقد لا يكونون معذورين عند الله تعالى بكونهم لم يقفوا في الأمور، بل تحكموا فيها بآرائهم وبحسب تحسين عقولهم على ما تبين في القسم الثالث من أهل الفترة.

وقد تقدم في القسم الثاني منهم أن المؤاخذة تكون لمن يدخل نفسه في شريعة لم يكن مخاطبا بها، فلما دخل فيها من قبل نفسه صار من أهلها فوسعه


(١) في (ب): يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>