للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذ (١) فرغنا من رد ذلك القول فلنرجع إلى تأويل الآية التي كنا بصددها، فنقول: إنما معناها أن الله تعالى قال لنبيه: قل لمن تدعوه إلى الإسلام من قريش وغيرهم: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٩]، أي: ما كنت أول رسول في الدنيا ولا مخترعا للرسالة من بين الخلق، بل كانت هنالك رسل (٢) في الأمم، فإن كنت رسولا يأتيني الوحي فأنا على سنن المرسلين في ذلك.

ولهذا قال الله له في سورة أخرى: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [يس: من ٣ .. ٥].

وقوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: ٩] معناه في الدنيا، أي ما أدري ما يفعل بي بعد تبليغي لكم من نصري عليكم معجلا كان أو مؤجلا، أو من بقائي بين أظهركم أو من خروجي عنكم أو غير ذلك مما يقضي الله به، ولا أدري ما يفعل بكم إن استكبرتم وتوليتم وأبيتم الإيمان من أن ينزل عليكم عذاب تعاجلون به في الدنيا، كما نزل بعاد وثمود وقوم نوح وقوم لوط، فيستأصلكم جميعا أو يتأخر عنكم العذاب حتى يصيب في الدنيا بعضكم دون بعض، أو يكون جميع العذاب مؤخرا عنكم إلى يوم القيامة.

وكأنه - عليه السلام - يقول: إنما أبلغ رسالة ربي حسبما أمرت به ولا أطلب ما وراء ذلك، إذ لا علم لي به في الحال.


(١) في (ب): وإذا.
(٢) في (ب): أنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>