للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أحسن الوجوه وأولاها بالصواب لوجهين (١):

أحدهما: تعميم الجن والإنس في ذلك المعنى، لأنا إذا قلنا: إن التقدير: إلا ليعرفوا أن لهم ربا وخالقا ما لم تطرأ عليهم طوارئ، فلا ينافي ذلك دخول المكلفين وغيرهم فيه حتى الصبيان والمجانين، لأن الجنون والاخترام بالمنية في حال الطفولية من تلك الطوارئ المانعة لمن نزلت به من معرفة الله تعالى وعبادته.

وكذلك التهود أو التنصر أو التمجس الذي ينشأ عليه من فُعل به ذلك من الصبيان حتى يدركه (٢) البلوغ وهو عليه من تلك الطوارئ الصادة عن سبيل الله.

فمن عري عن تلك (٣) الموانع الطارئة عليه، وبقي على أصل الفطرة السالمة إلى حين بلوغه أدرك معرفة الله تعالى لا محالة.

والوجه الثاني: تفسير العبادة بما لا تنافيه اللغة، بل تقتضيه، فإن إطلاق لفظ العبادة على المعرفة قد ورد في الشرع، والدليل على ذلك:

حديث ابن عباس أن النبي - عليه السلام - وجه معاذ بن جبل إلى اليمن وقال: «إنك تقدم (ق.١٤٢.أ) على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في


(١) لا يظهر لي كبير فرق بين هذا والذي قبله، بل يجمع بين القولين بأن المراد أن يعرفوا الله بالخضوع والتذلل له.
(٢) في (ب): أدركه.
(٣) في (ب): ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>