للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يسوغ أن يحمل قوله: «مسلمين» فيه إن صح على ظاهره، وإنما معناه ما قلنا في الفطرة من السلامة والقبول للإيمان ما لم يطرأ ما يزيل ذلك، كما قال في هذا الحديث: «فاجتالتهم الشياطين عن دينهم» أي: استخفتهم فجالوا معها (١).

يقال: اجتال الرجل الشيء: ذهب به وساقه، وقد اجتال أموالهم واستجالها (٢)، قاله صاحب الغريبين.

واللفظة مشتقة من قولك: جال الرجل يجول: إذا كان كثير الجولان والاضطراب في الأرض (٣)، ومن هذا هو قول خالد بن يزيد بن معاوية في زوجته:

تجول خلاخيل النساء ولا أرى ... لرملة خلخالا يجول ولا قُلبا

وإذا أخبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الحديث الصحيح بأن الله تعالى خلق الناس كلهم حنفاء، فقد صح أن جميعهم على الفطرة خلق، وصح أن من مات منهم في حال الطفولية قبل أن تستهويهم الشياطين فقد مات على الفطرة.


(١) قال النووي في شرح مسلم (١٧/ ١٩٧): أي استخفوهم فذهبوا بهم وأزالوهم عما كانوا عليه وجالوا معهم في الباطل. هكذا فسره الهروي وآخرون ...
(٢) قاله شمر، كما في لسان العرب (٢/ ٤٢٥).
(٣) الصحاح للجوهري (٤/ ٤٦٢ - ٤٦٣) ولسان العرب (٢/ ٤٢٤ - ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>