للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

فإن قيل: فإن في حديث ابن عباس هذا: ما قرأ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١) على الجن ومارءاهم، وفي ذلك (ق.١٥١.ب) دليل على أنهم استمعوا القرآن فآمنوا به من تلقاء أنفسهم من غير أن يكون النبي - عليه السلام - يدعوهم إليه.

فالجواب من وجهين:

أحدهما: إن هذا اللفظ الذي هو "ما قرأ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الجن وما رءاهم"، مع أنه خبر واحد ليس بمتفق عليه، فإن البخاري خرج حديث ابن عباس في موضعين من كتابه، وهما كتابا الصلاة (٢) والتفسير (٣)، ولم يذكر هذا اللفظ فيه.

والوجه الثاني، وهو المعتمد: أن ابن عباس كان في ذلك الوقت إما غير مولود، وإما صغيرا لا يميز (٤)،

إذ كان أمر الجن قديما بمكة، فليس عنده علم


(١) من (ب).
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٧٣٩).
(٣) صحيح البخاري (رقم: ٤٦٣٧).
(٤) وأحسن من هذا ما أجاب به الحافظ ابن حجر حيث قال (٧/ ١٧١): فيجمع بين ما نفاه وما أثبته غيره بتعدد وفود الجن على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فأما ما وقع في مكة فكان لاستماع القرآن والرجوع إلى قومهم منذرين كما وقع في القرآن، وأما في المدينة فللسؤال عن الأحكام، وذلك بين في الحديثين المذكورين. ... =
= ويحتمل أن يكون القدوم الثاني كان أيضا بمكة وهو الذي يدل عليه حديث ابن مسعود كما سنذكره.
وأما حديث أبي هريرة فليس فيه تصريح بأن ذلك وقع بالمدينة.
ويحتمل تعدد القدوم بمكة مرتين، وبالمدينة أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>