للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين قضية مضمونة بتقدير الخالق الرازق المقيت , وما على الحي إلا أن يسعى لاكتساب قوته وقوت من هو مكلف بالنفقة عليه , وما على الجماعات البشرية إلا أن تحتال لاستخراج الأقوات من مستودعات الأرض وخزائنها , وهذه الحقيقة معلنة في قول الله تعالى في سورة (فصلت / ٤١ مصحف / ٦١ نزول) :

{قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ}

فهذا النص القرآني يبين بياناً واضحاً أن الله قد بارك في الأرض وقدر فيها أقوات أحيائها تقديراً سواءً السَّائلين , أي: تقديراً مستوياً بإحكامٍ تام , وهذا التقدير المستوي لأجل السائلين , وهم طالبوا أقواتهم من خزائنها , ولا يطلب القوت إلا حي تتوقف حياته عليه.

فقضية تقدير الأقوات في خزائن الأرض قضية مفروغ منها , فلا خوف من نقص الأقوات بالنسبة إلى كل كائن حي قضى الله أن يحيى في الأرض إلى أجل , ولكن بشرط الكسب والعمل وإعمال الفكر للوصول إلى مفاتيح خزائن الأرض. وحين يسعى الحي لكسب قوته فلا يجده فإن عمره في الحياة قد انتهى , وإن أجله قد حلَّ , وإن حرمانه من القوت هو السبب الذي اختير في القضاء والقدر لموته , وموته بإمساك القوت عنه كموت غيره بعلة مرضية , أو بسكتة قلبية , أو بحادثة قاتلة , أو بحروب طاحنة , أو بتعذيب بأيدي ظلمة , أو بدون أية علة ظاهرة.

هذه هي عقيدة المسلمين , فلا مبرر عندهم للخوف من تكاثر السلالات , واللجوء إلى تحديد النسل من أجل قضية القوت , فالله على كل شيء مقيت , أي: هو مهيمن ومدبر ومقيت لمن وهبه الحياة وهو بحاجة إلى القوت لاستمرارها قال الله تعالى في سورة (النساء / ٤ مصحف / ٩٢ نزول) : {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً} .

<<  <   >  >>