للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استجاب حزب تركيا الفتاة، وجمعية الاتحاد والترقي لهذه الدسائس، وقادهما المأجورون، والأعداء المقنعون، والرعاع المستغفلون، في المسيرة التي رسمها الغزاة من أعداء الإسلام، فأثاروا عوامل التفرقة بينهم وبين سائر المسلمين، وبذلك تقطعت حبال قوية من روابط الوحدة الإسلامية، وانهارت قوة المسلمين الكبرى، وأعلن انقلاب "كمال أتاتورك" الخطة العلمانية، وألغى الخلافة الإسلامية، وحرم على الشعب التركي النطق باللغة العربية، حتى في عباداته الدينية، وألغى الكتابة بالرسم العربي، وجعل مكانه الكتابة بالحروف اللاتينية، وجنى الأعداء الغزاة ثمرة دسيستهم، واستطاعوا بذلك أن يفصلوا مسلمي الترك عن مسلمي العرب حقبة من الزمن، سار فيها كل من العرب والترك، ضمن خطوط السير التي رسمها لهم من قبل شياطين الدسائس والمؤامرات على الإسلام والمسلمين.

وهذا ما جعل المستشرق الألماني "كامغماير" يقرر في شماتة فيقول:

"إن تركيا منذ حين لم تعد بلداً إسلامياً، فالدين لا يدرّس في مدارسها، وليس مسموحاً بتدريس اللغتين العربية والفارسية في المدارس....

وإن قراءة القرآن العربي وكتب الشريعة الإسلامية قد أصبحت الآن مستحيلة بعد استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية....".

ولكننا نقول لصاحب هذا التقرير ولكل أجنحة المكر بالإسلام والمسلمين: إنه لن يطول - بعون الله - أثر مكيدتهم، فستبرز - بإذن الله - النهضات المباركة المضادة لأعمالهم، ولن يستطيعوا أن يطفئوا نور الله، والبشائر الإسلامية في تركيا قد ظهرت، ولا بد أن تتفجر عيونها - إن شاء الله - من ثنايا الصخر الذي سدَّ به الأعداء الغزاة ينابيع الحق والهداية.

ثم إذا ظهر الأعداء الغزاة بين الشعوب العربية بشكل عام أثاروا بينهم القومية العربية، وتصيدوا لهم أخطاء الشعوب الإسلامية الأخرى ضدهم، وهي الأخطاء التي عملت جنود الغزاة على إيجادها أو تنميتها عند أولئك، كما عملوا على إيجاد نظيرها عند العرب ضد الشعوب الإسلامية غير العربية.

<<  <   >  >>