فالإسلام يحمل للإنسانية كل دوافع التقدم والازدهار، المصونين من عوامل الفساد والانهيار، ولكن أساء مسلمو عصور الانحطاط إليه، بتخلفهم الذي ساهمت في صنعه عوامل شتى، منها مكايد أعدائهم له، ومنها نفوسهم التي بطرت وانغمست بالشهوات، وأخلدت إلى الأرض، ومزقتها أيدي الخلاف والتنازع، وأخذت تغط في نوم عميق، وجهل مطبق، بعد أن بلغ حملة الإسلام الأولون شأواً عظيماً من اليقظة والعلم، والتقدم الحضاري، بتأثير الروح العظيمة التي نفختها فيهم تعاليم الإسلام، إذ فهموه على وجهه الصحيح، وتمثلوه في سلوكهم أفراداً وجماعات وقيادات.
ولما كان العالم في سباق نحو القوة، ولما كان التقدم الاقتصادي في البلاد جزءاً منها وشرطاً أساسياً لها، كان على المسلمين أن يتجهوا بشطر عظيم من طاقاتهم البشرية إلى تحسين أوضاعهم الاقتصادية متآزرين، وأن يستغلوا كل ما يمكن استغلاله من الأرض، ويدخلوا في جميع مجالات العمل من أبوابها العريصة، وفي مقدمتها مجالات الاستثمارات والاستخراجات والتصنيع والبحث العلمي. لأن التنمية الاقتصادية الواعية المنضبطة مع تعاليم الإسلام، من شأنها أن ترفع مستوى الشعوب الإسلامية، وتكبح جماح البطرين، وجشع المستغلين، وتدفع البؤس والبطالة عن الذين أقعدهم البؤس عن أن يكونوا عناصر ذات فعالية مفيدة للمسلمين، وبذلك يستطيعون أن يدخلوا في سباق القوة مع الدول المتقدمة المعاصرة، عملاً بقول الله تعالى في سورة (الأنفال/٨ مصحف/٨٨ نزول) :