للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ذكره بقوله فيها أيضاً:

{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً}

فليس من شذوذ الطبيعة الإنسانية أن يكون لديها ميل فطري إلى هذه الأشياء التي ألبسها الله أثواب الزينة، ليسعى الإنسان في طلبها، ويؤدي وظيفته الفردية والاجتماعية والنوعية في هذه الحياة الدنيا.

ولكن الميل بالزينة الحيادية إلى غير ما أذن الله، واستخدامها في معصيته، هو الذي يجعلها ملحقة بالزينة الشيطانية.

وباستطاعتنا توضيح الأمر بالمثال التالي:

لقد حدد الله لتأدية الوظيفة الفردية في الحياة أن يأكل الإنسان ويشرب مما يسر الله له في الأرض وأباح له من دون إسراف ولا تبذير، وأن يبتعد عن المضار مهما كانت إغراءاتها، وزين له المآكل والمشارب بخصائص تميل إليها الأنفس. فمن أخذ منها ضمن الحدود التي حدَّها الله أدى وظيفته أداءً حسناً، ومن تجاوز هذه الحدود فقد سلّم قياده إلى الشيطان، وللشيطان عند ذلك وسائل كثيرة يزين له فيها الشر والفساد في الأرض والطغيان والظلم والعدوان، وبهذا التزيين الشيطاني ينقلب الإنسان إلى شرهٍ نهم، يتهافت على الاستزادة من الزينة، تهافتاً يقذفه به إلى التهلكة، وهذا التجاوز من شأنه أن يقلب الوضع الطبيعي فيفسد الزينة الحيادية، ويجعلها زينة ضارة، وبذلك تكون زينة شيطانية، وهذا ما التزم به إبليس إذ قال لربه فيما حكى عنه في سورة (الحجر/١٥ مصحف/٥٤ نزول) :

{رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ....} .

أي: ربّ بما حكمت علي بالغواية بسبب عصياني ما أمرتني به لأزيننّ لبني آدم سبيل معصيتك، حتى يخرجوا عن صراط الهداية، وينغمسوا في الإثم والظلم والعدوان.

<<  <   >  >>