لقد عرف الناس في أعمالهم التي تستدعيها حاجاتهم حركات الوقوف والانحناء وهبوط الجبهة إلى الأرض، كما عرفوا من مظاهر التعظيم والإجلال لملوكهم ورؤسائهم أشكال الوقوف والركوع والسجود، فقضت مشيئة الله أن يخصص الإنسان لعبادة ربه طائفة من الأعمال التي تشاكل ما يقوم به عادة في حاجاته، كما قضت مشيئته أن يكرّم الإنسان عن أن يذل لمخلوق مثله، فأمره أن يقوم ويركع ويسجد لله وحده لا شريك له، وأن لا يفعل مثل ذلك في تعظيم غير الله تعالى.
وضمن هذا شرع الله للناس عبادة الصلاة، التي تحتوي في أعمالها المادية الجسدية على القيام والركوع والسجود، ليقدم الإنسان في هذه الحياة قسطاً من أعماله في طاعة ربه، مع شرط تحقق معاني العبادة القلبية والفكرية والنفسية، ضمن أداء الأعمال المادية في الصلاة.
وعرف الناس في حياتهم الطعام والشراب والإمساك عنهما بالإرادة، والحرمان منهما عند الفقد. أو عند حاجة الحمية الصحية،فشرع الله لهم عبادة لصوم، كما شرع لهم عبادة الفطر في يومي العيد وأيام التشريق، ليخصص الإنسان من هذا النوع من أعماله المعتادة في حياته طائفة لعبادة ربه.
وعرف الناس في حياتهم تحصيل المال وبذله في حاجاتهم ومطالبهم الخاصة، فشرع الله لهم عبادة الزكاة، ليخصص الإنسان جزءاً مما يبذله من ماله في عبادة ربه.
وعرف الناس في حياتهم التعبير عما يخالج نفوسهم من أفكار بما يتكلمون به من أقوال، فشرع الله لهم عبادات التلاوة والأذكار والتسبيح والتحميد والدعاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لكل مسلم، إلى غير ذلك من عبادات قولية.
وعرف الناس في حياتهم القيام بالأسفار للتجارة والسياحة والنزهة وغيرها من منافع الحياة، فشرع الله لهم عبادة السفر إلى بيته الحرام، لأداء مناسك الحج والعمرة، وليشهدوا منافع لهم.