ولا نقص بذلك الحذف، بل فيه زيادة معنى، وهو أنَّ الأمر شائع عام للجميع، وكأن كل من في القرية يعرف حتى البنيان، والمساكن والأسواق، أي: ذلك أمر معروف، لا موضع للكذب فيه.
وحقيقة الإطناب أنَّ المعاني تكون والألفاظ على قدر واحد في الكثرة، والألفاظ بناء متكامل لا ينقص منه لبنة، ولكن الإطناب يكون متجهًا إلى تفصيل الألفاظ في الدلالة، فلا يستغنى بلازم عن ملزوم، ولا بملزوم عن لازم، ولا بعامٍّ عن خاص، ولا بخاصٍّ عن عام، ولا بدلالة الأولى عن نص اللفظ، ولا بالإشارة عن العبارة، بل كل ما يقتضيه المقام يجيء في وضوح كامل، لا يكتفي فيه بالتضمن، ولا بالإشارة ولا بالالتزم. ومثال ذلك في الحسيات، وإن كان لكلام الله تعالى المثل الأعلى، أن تطلب من شخص وصف قصر، فيصف أبعاده، طوله وعرضه، وارتفاعه وزيناته، ثم يصف الغرفات غرفة غرفة، ودعائم بناء القصر، ويسترسل في وصف كأنك تراه، وهذا إطناب يكون له مقامه إذا كان لمن يريد شرائه أو سكناه.
وقد يقول في وصفه أحيانًا أنه على أكمل صورة لتصور المترفين طلاء وحلية.
ولا شك أن الأول إطناب لا زيادة فيه ما دام غير قاصد إلَّا لبيان ما فيه، والثاني إيجاز لا قصور فيه.
ولنضرب لذلك مثلًا سورة الطلاق التي بينت وقت الطلاق، وما يكون بعده، وما يجب للمطلقة، وما يجب على المطلق، مع الإيجاز في بعض الأحكام التي تشمل حال الطلاق وغيره.