فيما بينها تابعًا لنزول الوحي، بل كان بوحي توجيهي لوضع السور في أماكنها، فإذا كانت السور الطوال في هذه المواضع من القرآن، والسور القصار في هذا الموضع من الطرف الأخير فيه، فإنَّ ذلك بتوجيه من الله -سبحانه وتعالى.
وكان من المستحسن أن نتكلم في هذا لا في مقدار البلاغة فيها، فالجميع سواء، ولكن من حيث الحكمة إن أمكن أن يؤدي تطاولنا إلى معنى ندركه، فكتاب الله فوق طاقتنا في إدراك مراميه كلها؛ لأنها إرادة الله تعالى، وهي لا تقبل التعليل؛ لأنه لا يسأل عمَّا يفعل، وعباده هم الذين يسألون.
ولكن مع ذلك نحاول أن نتعرَّف حكمة الله تعالى أو ما نراه من أواصف للسور الطوال وأخواتها القصار.
وإنك لترى النغم متحدًا، والفواصل متحدة، والتلاؤم بين ألفاظها منهاجه واحد، وكأنها لقصرها لا تتغير فيها الأنغام ولا مقاطع الكلام.
الثاني: من الأوصاف الواضحة في السور القصار إيجاز القصر، فتجد القصة من قصص القرآن تذكر في كلمات جامعة، ويبعد فيها الأسلوب عن الإطناب في القصة لحالها في مواضع من القرآن الكريم، وكلها معجز ببيانه وبلاغته.