ونرى من هذا كيف كانت التجزئة في مادة الاستدلال، وإن لم تكن الأجزاء كلها مستوفاة، وإنه من منهاج الاستدلال يتبيِّن أن لك جزء يصلح وحده دليلًا على أن الله وحده هو المنشئ للكون، والمدبِّر له، والقائم على كل شيء، ولذلك قرن السياق في كل جزء نفى أن يكون إله غير الله معه سبحانه وتعالى عما يشكرون.
ونجد هنا في هذه الآية الكريمة تجزئة في الاستدلال بحيث يعتبر كل جزء دليلًا قائمًا بذاته، ومن مجموعه دليل كليّ على أنَّ كل صغير أو كبير من خلق الله تعالى، وأنها دليل على وجوده -سبحانه وتعالى.
٣- التعميم ثم التخصيص:
١٤٥- التعميم أن تذكر قضية عامة، وتؤدّي إلى إثبات الدعوى بإجمالها، ثم يتعرَّض المستدل إلى جزئيات القضية، فيبرهن على أنَّ كل جزء منها يؤدي إلى إثبات الدعوى المطلوب إثباتها، أو أنها في مجموعها تؤدي إلى إثبات الدعوى.
ومما سبق ذكره يتبين صدق الدعاوي العامة التي هي صلب الدين وهي التوحيد، وأنه تجب إطاعة الرسول، وأنه لا خضوع إلا لله سبحانه، ومن ذلك قوله تعالى في المجاوبة بين موسى وفرعون: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى، قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى، قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى، قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا