تلونا هذا الجزء من هذه السورة الكريمة، وكلها أمور ليست مما يجري في عادات الناس، ولنشر إليها إشارات نوجّه فيها الأنظار إلى ما اشتملت عليه الآيات الكريمات من بيان فوق طاقة البشر.
أولها: الأمر الذي لا يعرف لغير سليمان، وهو أنه عُلِّم منطق الطير والحيوان، وهذا يدل على أنَّ غير الإنسان أمم أمثال الإنسان، لها منطق ولغة، وإن كنَّا لا نعرفها، وعرف نبي الله سليمان بعضها، كما قال تعالى في كتابه الكريم:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨] فإذا كان سليمان قد عُلِّمَ منطق بعض الحيوان، فهو مصداق لقول الله تعالى الخالق الفعال لما يريد.
وثانيها: تسخير الطير له، فهذا الهدهد كان له من الإدراك الرباني ما جعله يعرف الهدى من الضلال.