هذا توجيه عظيم لمن يسمع إفكًا على طاهر من الطاهرين، أو طهارة بينة الطهارة، فأول واجب على المؤمن إذا سمع إفكًا أن يظنّ خيرًا بالمؤمن، ويجعل حال الصلاح هي الظاهرة، وهي الحاكمة، فإن كان ممن يظن الظنون فعليه أن يثبت حتى يجيء الدليل، وهو أربعة شهداء، ليكون الدليل مقابلًا لظنِّ الخير بأهل الإيمان، فإن لم يكن الدليل كان على المؤمن أن يقول هذا بهتان عظيم، وأنه لا يسوغ لمؤمن أن يتلقى قولًا يرمى من غير دليل، ولا تثبت، ثم يزيد الظن به، فيقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويحسبونه تسلية، وأمرًا هينًا، وهو عند الله عظيم.
وفي هذا النص السامي بيان للمستهينين الذين يشيعون القول الفاسد، وما ينبغي أن يكون عليه المؤمن، وأنَّ الإسلام يريد جماعة طاهرة عفيفة لا يسودها إلَّا الكلام الطيب النزيه العف.
اللعان:
٢١١- جاء رجل إلى النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم- يبثه شكواه ويقول:"إن الرجل يجد الرجل مع أهله، فإن قتله قتلتموه، وإن تكلم ضربتموه، وإن سكت سكت على غيظ، اللهم بيِّن"، فكان اللعان.
وهو يكون في حال رمي الرجل زوجته بالزنى، فقد جعل الله تعالى حكمًا خاصًّا مخصصًا لمن يرمي أيَّ محصنة غير زوجته؛ لأنه لا يمكن أن يرمي زوجته إلا وهو في عذر غالبًا، فكان اللعان للتثبت من الواقعة التي تتضمن الوقوع في الفاحشة من الزوجة، وقد بيِّنَ الله تعالى اللعان بقوله تعالت كلماته: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ