تلازم الحروف، فبلغ به أن يكون الأصل في الإعجاز، وأخرج سائر ما ذكروه في أقسام البلاغة من أن يكون له مدخل أو تأثير فيما له كان القرآن معجزًا، كان الوجه أن يقال له: إنه يلزمك على قياس قولك أن يجوز أن يكون هنا نظم للألفاظ. وترتيب لا على نسق المعاني، ولا على وجه يقصد به الفائدة، ثم يكون مع ذلك معجزًا وكفى فسادًا".
وينتهي القول في هذا إلى أن الخلاف بين الجرجاني والخطابي والجاحظ وغيرهما يكون في أمرين غير جوهريين:
أولهما: إنَّ الجرجاني لا يعتبر للألفاظ جمالًا، وأنها في النظم تكون لنغماتها وألحانها مساعدات للمعاني، ولكنه يمنع منعًا مطلقًا، ونحن معه، أن تكون الألفاظ وحدها والكلمات منفردة سببًا للإعجاز، إنما الإعجاز يكون في أمور كثيرة؛ منها: تناسق الكلمات، وما تشعه من معانٍ وأخيلة بيانية في وسط أسلوب مكتمل البنيان يلتقي بنغمه وفواصله، وصوره البيانية، مع الألفاظ المحكمة، والمعاني السليمة التي لم يكن للناس عهد بها من قبل.