للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء ذبح الغنم أو البقر ثم تصدق به كله، وإن شاء أكل وأمسك منه، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون شيئا من البدن، فأنزل الله- عز وجل- «فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا» فليس الأكل بواجب ولكنه رخصة، كقوله- سبحانه- « ... وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا «١» ... » وليس الصيد بواجب ولكنه رخصة وَلِكُلِّ أُمَّةٍ يعني لكل قوم من المؤمنين فيما خلا، كقوله- سبحانه-:

« ... أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ «٢» ... » أن يكون قوم أكثر من قوم، ثم قال:

جَعَلْنا مَنْسَكاً يعني ذبحا يعني هراقة الدماء لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ وإنما خص الأنعام من البهائم لأن من البهائم ما ليس من الأنعام، وإنما سميت البهائم لأنها لا تتكلم فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ليس له شريك يقول فربكم رب واحد فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ- ٣٤- يعني المخلصين بالجنة، ثم نعتهم فقال: الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ يعني خافت قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى مَا أَصابَهُمْ من أمر الله وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ- ٣٥- من الأموال. قوله- عز وجل- وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ يعني من أمر المناسك لَكُمْ فِيها خَيْرٌ يقول لكم في نحرها أجر في الآخرة ومنفعة في الدنيا، وإنما سميت البدن لأنها تقلد وتشعر وتساق إلى مكة «والهدى الذي ينحر بمكة ولم يقلد ولم يشعر والجزور البعير الذي ليس ببدنة ولا بهدى «٣» » .


(١) سورة المائدة: ٢.
(٢) سورة النحل: ٩٢.
(٣) ما بين القوسين « ... » : من أوليس فى ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>