المؤمنين في ذلك، فأنزل الله- تعالى- «عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً» فلما أسلم أهل مكة خالطهم المسلمون وناكحوهم، وتزوج النبي- صلى الله عليه وسلم- أم حبيبة بنت أبي سفيان فهذه المودة التي ذكر الله- تعالى-. يقول الله- تعالى- لنبيه- صلى الله عليه وسلم- وَاللَّهُ قَدِيرٌ على المودة وَاللَّهُ غَفُورٌ لذنوب كفار مكة لمن تاب منهم وأسلم رَحِيمٌ- ٧- بهم بعد الإسلام، ثم رخص في صلة الذين لم يناصبوا الحرب للمسلمين، ولم يظاهروا عليهم المشركين، فذلك قوله: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ صلة الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ من مكة مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ يقول أن تصلوهم [١٩٤ أ] وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ بالعدل يعني توفوا إليهم بعهدهم إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ- ٨- الذين يعدلون بين الناس، نزلت في خزاعة منهم هلال بن عويمر، وبني خزيمة وبني مدلج منهم سراقة بن مالك، وعبد يزيد بن عبد مناة، والحارث بن عبد مناة، ثم قال:
إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ صلة الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ يعني كفار مكة أخرجوا النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه من مكة كراهية الإسلام وَظاهَرُوا يقول وعاونوا المشركين عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ بأن توالوهم وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ منكم فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ- ٩- ثم نسخت براءة هاتين الآيتين- « ... فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «١» ... » - قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ
(١) سورة التوبة: وتمامها «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» والمعنى أن هذه الآية من براءة نسخت هاتين الآيتين.