للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتاثر مقاتل باسرائيليات اليهود فى تفسيره لآيات الأحزاب المتعلقة بزواج النبي من زينب بنت جحش، فأعظم الفرية على رسول الله، ومكن للمستشرقين ان ينقلوا هذا الكلام عنه وعن أمثاله.

والاسرائيليات من ابرز العيوب فى تفسير مقاتل الى جوار حذف الأسانيد فى وقت مبكر كان الرواة يهتمون فيه كثيرا بالأسانيد.

اما الجانب العقلي فى تفسير مقاتل فهو واضح ظاهر، فأثر العقل المشرق يبدو فى كل صفحة من صفحاته تقريبا، وقد ساعد مقاتلا على هذا ما تمتع به من موهبة وذكاء ومعرفة واسعة بكل ما يحتاج اليه المفسر لكتاب الله.

فله معرفة واسعة باللغة ومفرداتها وتراكيبها، والدلالة وتطورها، والمشترك والمترادف.. ومعرفة بالمعاني والبيان والبديع، ومعرفة بالإجمال والتبيين، والعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، ودلالة الأمر والنهى.. إلخ. ومعرفة بالعقائد والإلهيات والنبوات واحكامها، ومعرفة بالقراءات والتجويد والنحو والشعر القديم.

وبالجملة فقد استكمل مقاتل جميع العلوم التي يحتاج إليها المفسر واستطاع ان يستثمرها جميعا فى تفسيره، ومع احاطة مقاتل بالكثير من العلوم والمعارف، فان تفسيره لم يسلم من عيوب ظاهرة، هي حذف الاسناد، والتدليس فى الرواية، ونقل علوم اليهود والنصارى الى تفسير القرآن، وهي عيوب كبيرة انقصت منزلة مقاتل ووضعت من قدره.

والى جوار هذه العيوب التي لصقت بمقاتل، نجد عبقرية تصل بصاحبها الى ادراك اسمى المعاني وأعلاها. وهو يفسر كتاب الله فى سهولة ويسر، ولذا حظى تفسيره باعجاب المعجبين وثناء الائمة الاعلام.

فشهادة الامام الشافعي لمقاتل بان الناس عيال عليه فى التفسير، شهادة لها قيمتها واعتبارها، لصدورها عن الشافعي وهو من هو.

كما اثر عن الامام احمد بن حنبل ان لمقاتل علما بالقرآن.

واثر عن حماد بن ابى حنيفة ان مقاتلا اعلم بالتفسير من الكلبي.

واثر عن ابراهيم الحربي ان الحسد هو الذي حمل الناس على الطعن فى مقاتل.

وقال عبد الله بن المبارك- وقد نظر فى تفسير مقاتل بن سليمان:

ما احسن تفسيره لو كان ثقة، ياله من علم لو كان له اسناد.

ولما سئل مقاتل بن حيان- وهو ثقة- أنت اعلم او مقاتل بن سليمان؟ قال:

ما وجدت علم مقاتل فى علم الناس الا كالبحر الأخضر فى سائر البحور «٤» .


(٤) تجد هذه الآثار كلها فى: تهذيب الكمال، المجلد العاشر، ترجمة مقاتل بن سليمان. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>