للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولعل المؤلف اغتر بكلام الذين اثنوا عليه فى التفسير، لكن الثناء الإجمالي عليه لا يفيد تصويب آرائه كلها، بل كان مقاتل وجهم على طرفي نقيض: غلا مقاتل فى الإثبات حتى شبه، وغلا جهم فى التنزيه حتى عطل، ولذا يقول ابو حنيفة:

ان هذا معطل وذاك مشبه وان لهما رأيين خبيثين) «٢٥» .

وقد عرف الكوثرى الشدة فى الدفاع، والغلظة على جميع المشبهة والحشوية، وهي غلظة فى الدفاع عن الحق «٢٦» ، ولكن التزام طريقة القرآن اولى وأحق، قال تعالى: (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) «٢٧» .

ومع هذا أقول مخلصا نضر الله وجه الكوثرى وجزاه خير الجزاء.


(٢٥) ابو الحسين محمد بن احمد الملطي: التنبيه والرد على اهل الأهواء والبدع، تحقيق محمد زاهد الكوثرى سنة ١٩٤٩ م. (مقدمة الكتاب للكوثري) : ٦- ٧.
ويلاحظ ان أبا الحسين الملطي اثنى فى كتابه هذا على مقاتل، واعتبره من أئمة السلف مثل الامام احمد بن حنبل، ونقل عنه تأويله لمتشابه القرآن، وقوله فى كليات القرآن من: (٥٨- ٨٢) .
(٢٦) ذكر الكوثرى فى مقدمة كتاب الفرق بين الفرق: ٦ ان الرازي قال: لا يعتمد على كتاب الملل والنحل للشهرستاني لأنه نقل المذاهب الاسلامية من الكتاب المسمى (بالفرق بين الفرق) من تصانيف ابى منصور البغدادي، وهذا الأستاذ كان شديد التعصب على المخالفين ولا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه، ثم ان الشهرستاني نقل مذاهب الفرق الاسلامية من ذلك الكتاب، فلهذا السبب وقع الخلل فى نقل هذه المذاهب، اهـ.
وقد اتهم الكوثرى الرازي بالغلو، ودافع عن البغدادي، وانتصر له فى شيء من الغلو، قال:
(ومع ذلك خدماته مشكورة فى الرد على اهل الزيغ، وردوده وجيهة، وسهامه مصيبة فى المقتل، على تقدير ثبوت تلك الآراء من الخصوم، كما رآه فى مصادر عول عليها، وان لم تثبت فلا ضير من ذلك على من لم يقل بتلك الآراء، فإذا وجد فى زمن ما من يقول بها فالسهام تصيبه فى المقتل، وعلى كل حال ففي ذلك جودة التدريب على طرق الردود الناجحة) .
(الفرق بين الفرق للبغدادي تحقيق الكوثرى- مقدمة الكتاب للكوثري: ٧) .
(٢٧) سورة النحل: ١٢٥، وانظر كتاب مقالات للكوثري.

<<  <  ج: ص:  >  >>