للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله- سبحانه-: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ حدثنا أبو محمد، قال: حدثني أبي، قال: حَدَّثَنَا الْهُذَيْلُ، عَنْ مُقَاتِلٍ، عَنْ نُعْمَانَ» «١» ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ: مَا تَقُولُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآية «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ. فَقَالَ: تَفْسِيرُ هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- إِذَا أَدْخَلَ أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَرَأَوْا مَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ ذَكَرُوا الْمَوْتَ فَيَخَافُونَ أَنْ يَكُونَ آخِرَ ذَلِكَ الْمَوْتُ فَيُحْزِنُهُمْ ذَلِكَ، وَأَهْلُ النَّارِ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ وَرَأَوْا مَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ يَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ آخِرَ ذَلِكَ الْمَوْتُ، فَأَرَادَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَقْطَعَ حُزْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَقْطَعَ رَجَاءَ أَهْلِ النَّارِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- مَلَكًا وَهُوَ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلامُ- وَمَعَهُ الْمَوْتُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُشْرِفُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُنَادِي: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. فَيُسْمِعُ أَعْلاهَا دَرَجَةً وَأَسْفَلَهَا دَرَجَةً، وَالْجَنَّةُ دَرَجَاتٌ، فَيُجِيبُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟

فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ. قَالَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ بِهِ إِلَى النَّارِ فَيُشْرِفُ بِهِ عَلَيْهِمْ فَيُنَادِي أَهْلَ النَّارِ، فَيُسْمِعُ أَعْلاهَا دَرَكًا وَأَسْفَلَهَا دَرَكًا، وَالنَّارُ دَرَكَاتٌ، فَيُجِيبُونَهُ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، قَالَ: ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُ: الْمَلَكُ إِنَّا ذَابِحُوهُ. فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بأجمعهم: نعم لكي يأمنوا الموت، ويقول [١٨ ب] أَهْلُ النَّارِ بِأَجْمَعِهِمْ لا، لِكَيْ يَذُوقُوا الْمَوْتَ، قَال فَيَعْمِدُ الْمَلَكُ إِلَى الْكَبْشِ الأَمْلَحِ وَهُوَ الْمَوْتُ فَيَذْبَحُهُ وَأَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَيُنَادِي الْمَلَكُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ لا مَوْتَ فِيهِ» «٢» فَيَأْمَنُونَ الْمَوْتَ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ- تعالى- «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ»


(١) فى أ: النغمن، ل نعمان.
(٢) فى ل: فيه، أ: فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>