(٢١)"ولم يقل أحد منهم قط: إن الله ليس في السماء، ولا أنه ليس على العرش، ولا أنه [بذاته] في كل مكان، ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل ولا منفصل، ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصبع، ونحوها؛ بل قد ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد الله ﵁ أن النبي ﷺ لما خطب خطبته العظيمة يوم عرفات، في أعظم مجمع حضره رسول الله ﷺ جعل يقول:«ألا هل بلغت؟». فيقولون: نعم. فيرفع أصبعه إلى السماء وينكبها [إليهم] ويقول: «اللهم اشهد» غير مرة، وأمثال ذلك كثير.
فإن كان الحق فيما يقوله هؤلاء السالبون النافون للصفات الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله من هذه العبارات ونحوها دون ما يفهم من الكتاب والسنة إما نصًا وإما ظاهرًا، فكيف يجوز على الله، ثم على رسوله ﷺ ثم على خير الأمة أنهم يتكلمون دائمًا بما هو نص أو ظاهر في خلاف الحق الذي يجب اعتقاده ولا يبوحون به قط، ولا يدلون عليه لا نصًا ولا ظاهرًا، حتى يجيء أنباط الفرس والروم وفروخ اليهود والنصارى والفلاسفة، يبينون للأمة العقيدة الصحيحة التي يجب على كل مكلف، أو كل فاضل أن يعتقدها"
أي ليعطينا أي إنسان من هؤلاء أنه ورد عن الصحابة أو التابعين وتابعي التابعين أو عن الأئمة الأربعة أنهم قالوا إن الله في كل مكان.
بل إن الإمام أبو حنيفة يقول:"مَنْ أنكر إن الله ﷾-في السماء فقد كفر"(١)، فحكم عليه بالكفر، وللشافعي ﵀-كلام في هؤلاء سنأتي إليه في نهاية هذه الفتوى بإذن الله تعالى.
فهذه أقوال المبتدعة تدور حول هذه العبارات، فمن منكرٍ لعلوِّ الله تعالى، ومن منكرٍ لاستوائه، ومن منكرٍ وقائلٍ بأن الله تعالى بذاته في كل مكان، ومن قائلٍ بأن الله