للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجهة والمكان والحيز، لأن فيها كما يدعون تجسيماً وهو تشبيه، فقالوا: يلزمنا في الوجود ما يلزم مثبتي الصفات فنحن نسد الباب بالكلية.

وقد استند أصحاب هذا القول في قولهم هذا على حجج زعموا أنها عقلية أسسوها وابتدعوها وجعلوها مقدمة كل نص، وليس لهؤلاء أي دليل من القرآن أو السنة على صحة قولهم هذا. وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "وجميع أهل البدع قد يتمسكون بنصوص، كالخوارج والشيعة والقدرية والمرجئة وغيرهم إلا الجهمية، فإنهم ليس معهم عن الأنبياء كلمة واحدة توافق ما يقولونه في النفي" (١).

وسنأتي بعد ذكر بعض تلك الحجج التي زعمها هؤلاء.

[القول الثالث]

وهم الذين يقولون بأن الله بذاته في كل مكان.

وهذا القول هو ما يذهب إليه النجارية (٢)، وكثير من الجهمية وبخاصة عبادهم وصوفيتهم وعوامهم وأهل المعرفة والتحقيق منهم (٣).

ويحتج هؤلاء ببعض الحجج العقلية المزعومة بالإضافة إلى بعض الآيات القرآنية الدالة على المعية والقرب.

وقد يجمع كثير من هؤلاء المعطلة بين القولين، فهو في حالة نظره وبحثه يقول بسلب الوصفين المتقابلين كليهما، فيقول لا هو داخل العالم ولا خارجه.

وفي حالة تعبده وتألهه يقول بأنه في كل مكان ولا يخلو منه شيء (٤).

شبهة المعطلة العقلية:

إن جل ما اعتمد عليه هؤلاء المعطلة من أدلة على نفي صفة العلو وغيرها من الصفات إنما هو عبارة عن حجج عقلية مزعومة ومبتدعة بناها هؤلاء المعطلة على


(١) مجموع الفتاوى (٥/ ١٢٢).
(٢) هم أتباع حسين بن محمد بن عبد الله بن النجار، وقد كان أكثر معتزلة الري ومن حولها على مذهبه، وقد نقل الشهرستاني في الملل والنحل (١/ ١١٣ - ١١٤) عن الكعبي قوله: (إن النجار كان يقول: إن الباري بكل مكان وجودا لا معنى العلم والقدرة).
وانظر مقالات الإسلاميين (١/ ١٣٥ - ١٣٧، ٢٨٣ - ٢٨٥)، والفرق بين الفرق (١٢٦ - ١٢٧)، وأصول الدين للبغدادي (ص ٣٣٤)، والتبصير في الدين (١٠١، ١٠٢، ١٠٣).
(٣) انظر نقض التأسيس (١/ ٧).
(٤) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>