للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المسألة الرابعة: صفات الميزان]

الواقع أن العلماء لم يتفقوا على إثبات أوصاف الميزان _ وقد تقدمت الإشارة إلى بعض الجوانب في وجوب الإيمان بالميزان، ومواقف الناس في ذلك _ وأما خلافهم في ثبوت صفاته فقد انقسموا إلى فريقين:

١ - أما الفريق الأول: فهم المثبتون لصفات الميزان الحسية، من أن له كفتين … إلى آخر أوصافه، وهؤلاء وإن أثبتوا هذا لكنهم يرجعون صفة تلك الكفات واللسان إلى علم الله تعالى.

٢ - أما الفريق الآخر: فهم النافون لتلك الصفات.

وسنذكر رأي الفريقين فيما يلي: -

(١) المثبتون لصفات الميزان:

يثبت هؤلاء _ وهم جمهور العلماء _ أن الميزان له كفتان حسيتان مشاهدتان، وله لسان كذلك.

يقررون هذه الحقيقة غير ملتفتين إلى من تشمئز قلوبهم من سماعها، لعدم قبول عقولهم لها، وعدم تفهم ما ورد عن المصطفى في ذلك. ذلك أن الحق ضالة المؤمن، وما ورد به الشرع هو الذي ينبغي أن يقدم على هوى النفس وحكم العقل.

وسنذكر فيما يلي بعض أقوال هؤلاء كأمثلة على ثبوت ما ذكرنا.

قال القرطبي -ردًّا على من ينكر الميزان، ويؤول الوزن بأنه من ضرب المثل، وأن الوزن يراد به العدل والقضاء- قال: (وهذا مجاز. وليس بشيء، وإن كان شائعاً في اللغة للسنة الثابتة في الميزان الحقيقي، ووصفه بكفتين ولسان، وأن كل كفة منها طباق السموات والأرض) (١).

ويعزو القرطبي إلى ابن عباس أنه قال: (توزن الحسنات والسيئات في ميزان له كفتان ولسان) (٢).

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أنه قال: (الميزان له لسان وكفتان، يوزن فيه الحسنات والسيئات، فيؤتى بالحسنات في أحسن صورة فتوضع في كفة الميزان، فتثقل على السيئات؛ فتؤخذ فتوضع في الجنة … ويؤتى بالسيئات


(١) التذكرة، ص ٣٧٨.
(٢) التذكرة، ص ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>