للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٦٨) «وعرف أن غالب ما يزعمونه برهانًا وهو شبهة، ورأى أن غالب ما يعتمدونه يؤول إلى دعوى لا حقيقة لها، أو شبهة مركبة من قياس فاسد، أو قضية كلية لا تصلح إلا جزئية، أو دعوى إجماع لا حقيقة له، أو التمسك في المذهب والدليل بالألفاظ المشتركة.

ثم إن ذلك إذا ركب بألفاظ كثيرة طويلة غريبة عمن لم يعرف اصطلاحهم، أوهمت الغِرَّ ما يوهمه السراب للعطشان، ازداد إيمانًا وعلمًا بما جاء به الكتاب والسنة، فإن الضِدَّ يُظهِر حُسْنَه الضدُّ، وكل من كان بالباطل أعلم كان للحقِّ أشد تعظيمًا، وبقدره أعرف إذا هدى إليه».

نعم؛ لأنه كما يقول عمر : «إنما تُنقض عرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام مَنْ لا يعرف الجاهلية»، فالإنسان إذا كان ليست له دراية بالباطل من جهة كونه باطلًا، فقد يَغتر بهذا الباطل، وقد يزيَّن له هذا الباطل بصورة حسنة.

يقول شيخ الإسلام: وبالجملة فالثبات والاستقرار في أهل الحديث والسنة، أضعاف أضعاف ما هو عند أهل الكلام والفلسفة (١)

ولذلك أهلُ السنَّةِ قديماً وحديثاً، شرقاً وغرباً، وعلى اختلاف أزمانهم وأماكنهم هم على قولٍ واحد في سائرِ أمورِ هذا الدين وبالتحديدِ في أصولِ هذا الدين، لا تجدُ اختلافاً ولا تجدُ اضطراباً فقولهم في أسماء الله وصفاته واحد، وقولهم في بابِ الإيمان واحد، وقولهم في بابِ القدَرِ واحد .. إلى غيرِ ذلك من مسائل الدين.

قال ابن تيمية: "وربنا واحد، ورسولنا واحد، وكتابنا واحد، وديننا واحد، وأصل الدين ليس بين السلف وأئمة الإسلام فيها خلاف، ولا يحلّ الافتراق، لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ " (٢).

وقال ابن تيمية: " أما أهل السنة والحديث فما يعلم أحد من علمائهم، ولا صالح


(١) مجموع الفتاوى (١/ ٥١)
(٢) مجموع الفتاوى ج ٣/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>