للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بقاء العرش، فقد ثبت في الصحيح أن جنة عدن سقفها عرش الرحمن قال : "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وفوقه عرش الرحمن" " (١).

[حملة العرش]

إن كون عرش الرحمن له حملة يحملونه هو أمر ثابت في الكتاب والسنة، فقد جاء ذكر حملة العرش في موضعين من القرآن الكريم قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾.

فالآيتان تدلان على أن لعرش الله حملة يحملونه اليوم ويوم القيامة، قال شيخ الإسلام: "إن قوله: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ﴾، وقوله: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾، يوجب أن لله عرشا يحمل، ويوجب أن ذلك العرش ليس هو الملك كما تقوله طائفة من الجهمية، فإن الملك هو مجموع الخلق فهنا دلت الآية على أن لله ملائكة من جملة خلقه يحملون عرشه، وآخرون يكونون حوله، وعلى أنه يوم القيامة يحمله ثمانية" (٢).

وأما السنة فهي مليئة بالأحاديث والآثار الدالة على أن لعرش الرحمن حملة من الملائكة يحملونه، فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : "أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام" (٣).


(١) نقض التأسيس (١/ ١٥٥).
(٢) نقض التأسيس (١/ ٥٧٥).
(٣) خرجه الإمام أحمد في المسند (١/ ٢٠٧). وأبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في الجهمية (٥/ ٩٣، برقم ٤٧٢٣). وأخرجه ابن ماجه في سننه، المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية (١/ ٦٩). وأخرجه الترمذي في سننه، كتاب التفسير، باب سورة الحاقة (٥/ ٤٢٤ - ٤٢٥، برقم ٣٣٢٠). والدارمي في الرد على بشر المريسي (ص ٤٤٨). وابن أبي عاصم في السنة (١/ ٢٥٣). وابن خزيمة في كتاب التوحيد (١/ ٢٣٤ - ٢٣٥، ح ١٤٤). والآجري في الشريعة (٣/ ١٠٨٩ - ١٠٩٠، ح ٦٦٥). وابن منده في التوحيد (١/ ١١٧). واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٣/ ٣٩٠). والذهبي في العلو (ص ٤٩). ومدار الحديث من جميع طرقه على "عبد الله بن عميرة" وعبد الله فيه جهالة، ولذلك قال الألباني في تخريج السنة (١/ ٢٥٤): "إسناده ضعيف، وعبد الله بن عميرة، قال الذهبي: فيه جهالة، وقال البخاري: لا نعلم له سماعاً من الأحنف بن قيس". انتهى كلامه. ولكن الجوزقاني صرح في الأباطيل (١/ ٧٩) بصحة الحديث. وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (٣/ ١٩٢) حيث قال: "إن هذا الحديث قد رواه إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب التوحيد الذي اشترط فيه أنه لا يحتج فيه إلا بما نقله العدل عن العدل موصولاً إلى النبي ، والإثبات مقدم على النفي، والبخاري إنما نفى معرفة سماعه من الأحنف، ولم ينف معرفة الناس بهذا، فإذا عرف غيره كإمام الأئمة ابن خزيمة ما ثبت به الإسناد، كانت معرفته وإثباته مقدماً على نفي غيره وعدم معرفته". انتهى كلامه. وكذلك مال تلميذه ابن القيم إلى تصحيحه. انظر تهذيب السنن (٧/ ٩٢ - ٩٣). "

<<  <  ج: ص:  >  >>