للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا رد الناس ما تنازعوا فيه إلى الكتاب والسنة فالمعاني الصحيحة ثابتة فيهما، والمحق يمكنه بيان ما يقوله من الحق بالكتاب والسنة (١).

المسألة الثالثة: أن القول في الصفات كالقول في الذات.

فمن جملة القواعد التي قررها علماء أهل السنة والجماعة وأشهرها قاعدة: "القول في الصفات كالقول في الذات"، وهذه القاعدة هي أحد أدلة علماء أهل السنة في تقرير ثبوت الصفات والرد على من أنكرها، وهي قاعدة قد اتفق عليها أهل السنة والجماعة قاطبةً، ولأهميتها جعلها شيخ الإسلام ابن تيمية الأصلَ الثاني من الأصلين اللذين بنى عليهما كتابه التدمرية حيث يقول فيه: "وهذا يتبين بالأصل الثاني - وهو أن يقال: القول في الصفات كالقول في الذات" (٢).

فابن تيمية بنى رده على المعطلة على أصلين ومثلين على اعتبار أن التعطيل عند طوائف أهل الكلام ينقسم إلى قسمين هما:

أولاً: تعطيل جميع صفات الله ﷿ وهو تعطيل الجهمية والمعتزلة؛ وهؤلاء يرد عليهم بأن هذا النوع من التعطيل أصحابه يقرون بوجود الذات فيقال لهم إن القول في الصفات كالقول في الذات، فالأصل في هذا الباب: أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلومًا أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.

فإن الله تعالى ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله؛ فإذا كان لله ذات حقيقية لا تماثل الذوات بلا خلاف، فكذلك الصفات الثابتة له في الكتاب والسنة، هي صفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات، فالقول في الذات والصفات من باب واحد يطرد في الجميع (٣).

ثانياً: تعطيل بعض الصفات وإثبات بعضها وهذا قول الكلابية والأشاعرة والماتريدية وغيرهم؛ وهذا يرد عليه بقاعدة "القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر"، وسيأتي الحديث عن هذا في القاعدة الآتية بإذن الله تعالى.


(١) انظر: درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٢٨ - ٢٣٣).
(٢) التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع (ص: ٤٣).
(٣) ينظر: أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء (ص: ٩١) نشر وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>