للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«بل هذه المخلوقات في الجنة قد ثبت عن ابن عباس أنه قال: «ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء»، وقد أخبر الله تعالى أنه لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين، وأخبر النبي : «أن في الجنة ما لا عين رأتْ، ولا أُذن سمعت، ولا خَطَر على قلب بَشَر» (١). فإذا كان نعيم الجنة وهو خلق من مخلوقات الله كذلك فما الظن بالخالق ».

ثم ضرب هنا مَثَلَين؛ مثل الجنَّة، ومثل الروح، وهما أيضًا مذكوران في «الرسالة التدمرية»؛ لأن شيخ الإسلام افتتحها بذكر أصلين ومثلين، فالأصل الأول: أن القول في الصفات يعني كالقول في البعض الآخر. والقول في الصفات فرع عن القول في الذات هذين الأصلين. وأما المثلين: فضرب مثلًا في الجنة، وضرب مثلًا في الروح. فهذه الأمثلة جواب للمعطِّلة، وجواب للمشبِّهة، فمن جهة المشبه الذي يقول: إن الله تعالى لا يُخاطبنا إلا بما نعقل. يقال له: إن الله أخبر عما في الجنَّة، ومع ذلك نحن لا نعلم مِنْ كيفية ذلك شيئًا، وإنما إيماننا بهذه الأشياء هو إيمان وجود.

وكذلك الروح بين جنبي الإنسان ومع ذلك الإيمان بها إيمان وجود لا إيمان بمعرفة حقيقتها وكيفيتها. فهنا هذا الجواب يصلح للمشبِّهة، ويصلح كذلك من جهة أخرى للمعطِّلة.

فالمعطِّل شبهته: أنه ما دام الشيئين قد اشتركا في الاسم؛ فإنهما يشتركان في الحقيقة.

وهذا لا يلزم، فهنا مثلًا ضرب هذا المَثَل: «هذه المخلوقات في الجنَّة قد ثبت عن ابن عباس أنه قال: «لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْأَسْمَاء» (٢)، وقد أخبر الله تعالى أنه لا تَعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرَّة أعين، وأخبر النبي : «أَنَّ فِي الْجَنَّةِ مَا لَا


(١) انظر: صحيح مسلم (٤/ ٢١٧٥) كتاب الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، برقم (٢٨٢٥)، والإمام أحمد في المسند تتمة مسند الأَنصار (٢٢٨٢٦).
(٢) انظر: صفة الجنة لأبي نعيم برقم (١٢٤)، قال الشيخ الالباني في السلسلة الصحيحة الجزء الخامس صفحة (٢١٩): السند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>