فالمقصود والمراد من نفي المماثلة أن لله خصائص، أي أمورٌ يختص بها لا يماثله في ذلك أحدٌ من خلقه، ثم بعد ذلك فالله تعالى ما أطلعنا ولا أخبرنا ولا تعبدنا بمعرفة كيفية استوائه، وكلنا يعلم جواب الإمام مالك ﵀-إذ سأله السائل: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ فغضب الإمام مالك من سؤال السائل وقال:"الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة"(١).
فإذاً الكيف مجهول، فلا يقال كيف استوى؟ أو كيف ينزل؟ أو كيف يداه؟ أو كيف قدماه؟ إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته ﷾ لا نعلم كيفيتها وهذا سيأتي جوابه إن شاء الله تعالى.
فإذاً هذه نصوص وردت لإثبات صفاتٍ لله تعالى، فهناك من أثبتها وهم أهل السنة.
القسم الثاني: المعطلة.
هذا القسم يندرج تحته فئات:
١. فمنهم من أنكر جميع الأسماء والصفات، ويقول: لا نثبت لله اسماً ولا صفة، ومن هؤلاء؟ الجهمية.
٢. وهناك من أثبت الأسماء إثباتاً لفظياً وأنكر جميع الصفات، لذلك يقولون: سميعٌ بلا سمع، وعليمٌ بلا علم، وبصيرٌ بلا بصر، وهؤلاء المعتزلة ومن وافقهم.
٣. وهناك من أثبت بعض الصفات وأنكر البعض الآخر، وهؤلاء هم الأشاعرة والماتريدية والكلابية، وإن كان الذي يُعرف اليوم الأشاعرة والماتريدية دون الكلابية.
فمن نفى تلك الصفات، أخذ يغير معاني تلك الآيات، فإذا جاء إلى قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، قال الاستواء بمعنى الاستيلاء، ويريد بهذا أن ينكر أن الله استوى على عرشه حقيقة،
وسنأتي إن شاء الله إلى ما يثبته الأشاعرة وما ينفونه من الصفات، فهم أثبتوا البعض ونفوا البعض، فممَّا نفوه الاستواء، فهم لا يثبتونه لله تعالى.
القسم الثالث: المشبهة.
وهؤلاء أثبتوا الصفات، ولكنهم أدخلوا في الإثبات أموراً لا تليق لله تعالى.
(١) انظر الموطأ للإمام مالك الجزء الأول صفحة (٢٥٣).