للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥ - من بدع الجعد إنكاره للقدر.

فقد ذكره البغدادي في عداد القدرية حيث قال: (ثم حدث في زمان المتأخرين من الصحابة خلاف القدرية في القدر والاستطاعة من معبد الجهني، وغيلان الدمشقي، والجعد بن درهم.) (١)

وذكر أن الحمارية من القدرية قد تأثروا ببعض أفكار الجعد في هذه المسألة فقال: (وأخذوا من جعد بن درهم الذي ضحى به خالد بن عبد الله القسري قوله بأن النظر الذي يوجب المعرفة تكون تلك المعرفة فعلاً لا فاعل لها.) (٢)

وقد زعم هؤلاء الحمارية أن الخمر ليست من فعل الله، وإنما هي من فعل الخمار، لأن الله تعالى لا يفعل ما يكون سبب المعصية وزعموا أن الإنسان قد يخلق أنواعاً من الحيوانات، كاللحم إذا دفنه الإنسان أو يضعه في الشمس فيدود، وزعموا أن تلك الديدان من خلق الإنسان، وكذلك العقارب التي تظهر من التبن تحت الآجُرّ زعموا أنها من اختراع من جمع بين الآجُرّ والتبن. (٣)

وهذا الزعم كان الجعد أسبق من الحمارية إليه فقد ذكر ابن حجر في اللسان أن الجعد كان يقول بذلك حيث قال: (وللجعد أخبار كثيرة في الزندقة منها أنه جعل في قارورة تراباً وماءً فاستحال دوداً وهواما فقال: أنا خلقت هذا لأني كنت سبب كونه) (٤)

ولذلك فإني لا استبعد أن تكون الحمارية نسبة إلى مروان الحمار الذي تعلم من الجعد بن درهم مذهبه في القول بخلق القرآن والقدر وغير ذلك كما أشار إلى ذلك ابن الأثير (٥) وغيره. (٦) وبهذا يعلم أن أفكار الجعد كانت تدور حول تعطيل ذي الجلال والإكرام وإنكار صفاته، وتكذيب رسله، وإبطال وحيه.). (٧)

المسألة الثالثة: وأول من أظهرها.

قال المصنف: "وأخذها عنه الجهم بن صفوان، وأظهرها"؛ فهذه المقالة نسبت إلى الجهم واشتهرت عنه أكثر من اشتهارها عن الجعد، والسبب في ذلك يرجع إلى


(١) الفرق بين الفرق ص ١٨ - ١٩.
(٢) الفرق بين الفرق ص ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٣) الفرق بين الفرق ص ٢٧٩.
(٤) لسان الميزان ٢/ ١٠٥.
(٥) الكامل ٥/ ٤٢٩.
(٦) انظر مأثر الإنافة في معالم الخلافة للقلقشندي ١/ ١٦٢.
(٧) الرد على الجهمية للدارمي (ص ٧) ط: المكتب الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>