للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمقادير كلِّ شيء حتى قيام السَّاعة قد كُتبت في اللوح المحفوظ.

وعن ابن عباس ?ما، قال: «كنتُ خلفَ رسول الله يومًا، فقال: «يا غلام، إني أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يَضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَت الأقلام وجَفَّت الصحف» (١).

فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه؛ فهذا سابق في القدر، سابق في علم الله، والنصوص في العلم والكتابة-بحمد الله تعالى-كثيرة وواضحة في الدلالة على هاتين المرتبتين: العلم والكتابة.

[أنواع التقدير]

ذكر ابنُ القيِّم أقسامَ التَّقدير الخمسة، وأَوْضَحَها بأدلَّتِها، وهي باختصار:

التقدير الأول: تقدير المَقادير قبل خَلق السَّماوات والأرض، وهو التقدير العام الشَّامل لكل شيءٍ في اللوح المحفوظ، وقد سبق ذِكر بعض الأدلة عليه.

التقدير الثاني: تقدير الرَّبِّ--شقاوة العِباد وسَعادتهم وأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم قبل خَلْقِهم، وهو تقديرٌ ثَان بعد التقدير الأَوَّل، فعن عِمران بن حُصين قال: «قيل: يا رسول الله، عُلِمَ أهلُ الجَنَّة من أهل النَّار؟ فقال: «نَعَمْ». قيل: فَفِيم يعملُ العاملون؟ قال: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له» (٢).

التقدير الثالث: المُتَعَلِّق بالجنين وهو في بطن أُمِّه، وهو تقدير شقاوته وسعادته ورزقه وأجله وعمله؛ فعن عبد الله بن مسعود قال: حَدَّثنا رسولُ الله وهو الصَّادقُ المَصدوقُ: «إنَّ أحدَكم ليُجمع خَلْقُه في بَطن أُمِّه أربعين يومًا، ثُمَّ يكون في ذلك علقةً مثل ذلك، ثُمَّ يكون في ذلك مُضغةً مثل ذلك، ثُمَّ يُرسل اللهُ إليه المَلك؛ فيَنفخ فيه الرُّوح، ويُؤمر بأربع كلماتٍ؛ بكتبِ رزقِه وأجلِه وعملِه وشقي أو سعيد، فوالذي لا إلهَ غيرُه، إنَّ أحدَكم ليعمل بعمل أهل


(١) أخرجه أحمد في «المسند» (١/ ٢٩٣) (٢٦٦٩)، والترمذي (٢٥١٦)، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» (٥٣٠٢).
(٢) أخرجه البخاري (٧٥٥١) ومسلم (٢٦٤٩) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>