للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمعرفة الله تعالى استقلالًا؛ لأنها قاصرة عاجزة، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥]؛ فالله تعالى تَعَرَّف إليك! فضلًا منه ومِنَّة عليك عَرَّفك بأسمائه وصفاته، عَرَّفك بأنه العليم، وأنه السميع، وأنه البصير، وأنه القدير، وأنه الغفور، وأنه الرحيم، وأنه الجبَّار، وأنه المتكبر .. إلى غير ذلك مِنْ أسماء الله ٥ وصفاتِه الواردة في الكتاب والسُّنَّة؛ فمِنَّةٌ عُظمى فتحها الله عليك! بالله عليك كيف تُغلقها على نفسِك؟! بل إن الله رَغَّبك في هذه المعرفة فقال: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠]، وقال: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الحشر: ٢٤]، وقال: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨] .. إلى غير ذلك من المواطن التي ذُكرت فيها أسماء الله ﷿؛ إمَّا جملة وإما تفصيلًا.

فافتح بابَ معرفة الله تعالى! لا تُغلقه على نفسك! لا تحرم هذا القلب من أن يَعرف ربَّه، ويَعرف معبودَه!

خامسًا: العلم بأسماء الله وصفاته يَفتح للعبد باب معرفة الله:

إنَّ محبة الشيء فرع عن الشعور به، وأعرف الخلق بالله أشدهم حُبًّا له، فكل من عرف الله أحبه، والعلم يَفتح هذا الباب العظيم الذي هو سِرُّ الخَلق والأمر (١)؛ فمن أعظم أصول الدين: المحبة، بل هي قاعدة العبادة، فكيف يكون حبٌّ في قلب العبد المؤمن وهو لم يعرف الله ٥؛ فالله تعالى فتح لنا باب معرفته من هذا الطريق، فإن شئت فادخل وتعَرَّف على أسماء الله وصفاته وأفعاله، وإلا فإنك محروم مِنْ ضِمن مَنْ حُرم مِنْ هذا الخير العظيم؛ فطمأنينة القلب وحياته هي في هذا الأمر العظيم: في معرفة الله ﷿، ولا سبيل للحصول على هذه المعرفة إلا من باب العلم بأسماء الله وصفاته، فلا تَستقر للعبد قَدَم في معرفة الله إلا بالتعرف على أسمائه وصفاته الواردة في القرآن والسنة؛ فالعلم بأسماء الله وصفاته يَفتح للعبد هذا البابَ العظيمَ، فالله ﷿ لم يجعل السبيل إلى معرفته من طريق الاطلاع على ذاته، فهذا الباب موصود إلى قيام الساعة، كما أخبرنا بذلك نبينا محمد حيث قال: «تَعَلَّمُوا أنَّه لن يَرى أحدٌ مِنكم ربَّه ﷿ حتى يَموت» (٢).

وكذلك فإنَّ من المحال أن تَستقل العقول البشرية بمعرفة ذلك وإدراكه على وجه


(١) «مفتاح دار السعادة» (١/ ٨٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢٩٣١) من حديث عبد الله بن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>