للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك إذا عرضنا على العقول موجودين من المخلوقين أو مطلقاً أحدهما يقدر على الذهاب والمجيء والتصرف بنفسه والآخر لا يمكنه ذلك لكانت العقول تقصي بأن الأول أكمل، فنفس ما به يعلم أن اتصافه بالحياة والقدرة صفات كمال، به يعلم أن اتصافه بالأفعال والأقوال الاختيارية التي تقوم به والتي يفعل بها المفعولات المباينة له صفات كمال" (١).

وكذلك مما يرد به على هذا القول ما قاله ابن القيم: "إنه لو كان الاستواء عائداً على العرش لكانت القراءة برفع العرش، ولم تكن بخفضه، فلما كانت بخفض العرش دل على أن الاستواء عائد إلى الله تعالى" (٢).

[الفريق الثاني: القول بالتفويض]

ويذهب أصحاب هذا القول إلى إثبات لفظ الاستواء فقط مع التوقف في المعنى المراد، فهم يقولون: إن الاستواء ثابت في القرآن حيث إنه قد ورد في سبع آيات، وكذلك قد وردت به الأخبار الصحيحة وقبوله من جهة التوقف واجب، والبحث عنه وطلب الكيفية غير جائز وهو استواء لا نعلمه (٣).

وقد ذهب إلى هذا القول البيهقي في كتابه الاعتقاد (٤) وهو أحد قولي الرازي (٥).

وهؤلاء في الحقيقة ينفون صفة الاستواء ولكن يتوقفون في المعنى الذي على زعمهم يجب تأويل اللفظ إليه.

وقد زعم كثير من الأشاعرة أن القول بالتفويض هو قول السلف (٦).

ويستدلون على نسبة هذا القول إلى السلف بعبارات نقلت عن السلف ظنوا أنها ترمي إلى القول بالتفويض كقول الأوزاعي: "كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته جل وعلا".

وقول ربيعة بن عبد الرحمن، والإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب".


(١) الموافقة بين صريح العقل وصحيح النقل (٢/ ٧٣ - ١٧٥)، ط: دار الكتب.
(٢) انظر اجتماع الجيوش الإسلامية (ص ٦٤ - ٦٥).
(٣) الاعتقاد للبيهقي (ص ١١٥).
(٤) الاعتقاد للبيهقي (ص ١١٥).
(٥) تلخيص المحصل (ص ١١٤).
(٦) الاعتقاد للبيهقي (ص ١١٧)، الإتقان في علوم القرآن (٢/ ٦)، مناهل العرفان (٢/ ١٨٣ - ١٨٣)، تحفة المريد (ص ٩١ - ٩٢)، شرح الخريدة البهية (ص ٧٥)، الأسماء والصفات (ص ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>