للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٦٢) «وكقول الجهمية المعتزلة: مَنْ قال: إن لله علمًا وقدرة، فقد زعم أنه جسم مركب، وهو مشبه؛ لأن هذه الصفات أعراض، والعَرَض لا يقوم إلا بجوهر مُتحيز، وكل متحيز جسم مركب، أو جوهر فرد، ومن قال ذلك فهو مُشبه؛ لأن الأجسام متماثلة».

المعتزلة بنوا دليلهم في نفي الصفات على أن القديم لا يكون محلاً للصفات والحركات، فلا يكون جسماً ولا متحيزاً؛ لأن الصفات أعراض وهم يستدلون على حدوث الجسم بحدوث الأعراض والحركات، وأن الجسم لا يخلو منها، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث.

فهم بهذا القول نفوا صفات البارئ، وجعلوا نفيها يتوقف عليه ثبوت الصانع، وحدوث العالم، فإذا جاء في القرآن والسنة ما يدل على إثبات الصفات لم يكن القول بموجبه.

والمتدبر لحجج المعتزلة يرى فيها الأمور التالية:

أولاً: أنهم يستدلون لأقوالهم بعبارات مبتدعة، وفيها الكثير من الاشتباه والإجمال، وذلك كلفظ العرض، والجسم، والحيز، والمركب، وغير ذلك، فهم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ليخدعوا به جهال الناس بما يشبهون عليه، وهذه الألفاظ المجملة تتضمن معاني باطلة، ومعاني أخرى صحيحة، فهم بهذا ينفون كلا المعنيين الحق والباطل.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية ما في هذه الألفاظ من معانٍ، وما تدل عليه من عبارات (١)، وكيف استعملها هؤلاء المعطلة في نفي صفات البارئ ﷿، حيث ادعوا أن هذه الأمور من مستلزمات الجسمية، والله منزه عن ذلك، وقد بين شيخ


(١) انظر: شرح ابن تيمية لهذه العبارات في نقض تأسيس الجهمية ١/ ٥٠٤، ٥١١، وفي مجموع الفتاوى ٥/ ٤١٨ - ٤٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>