للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعظمته، واستواؤه حقيقة لا مجاز كما يزعم الجهمية وأتباعهم الذين ينكرون العرش وأن يكون الله فوقه، وأما كيفية ذلك الاستواء فهي مجهولة لدينا والسؤال عن كيفية ذلك الاستواء بدعة، لأن الله سبحانه لم يطلعنا على كيفية ذاته فكيف يكون لنا أن نعرف كيفية استوائه، وهو يقول: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾.

ثانياً: العرش أعلى المخلوقات أرفعها وسقفها.

إن مما اختص به الخالق العرش مع استوائه عليه كونه أعلى المخلوقات وأرفعها وأقربها إلى الله تعالى، فقد ثبت أن العرش أعلى من السموات والأرض والجنة وأنه كالسقف عليها، والأدلة على هذا الأمر كثيرة وقد سبق أن أوردنا جزءاً منها خلال حديثنا عن مكان العرش.

والقول بأن العرش أعلى المخلوقات هو قول السلف الذي قالوا به وذهبوا إليه:

قال محمد بن عبد الله بن أبي زمنين في كتابه " أصول السنة ": "ومن قول أهل السنة أن الله ﷿ خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء" (١).

وكون العرش أعلى المخلوقات يدل على أنه أقرب إلى الله تعالى وهذه ميزة أخرى تضاف إلى الخصائص التي انفرد بها العرش، ويدل على هذا الأمر ما جاء في حديث الأوعال: "ثم فوق ظهورهم العرش بين أعلاه وأسفله مثل ما بين سماء إلى سماء والله تعالى فوق ذلك" (٢).

وكذلك ما جاء عن ابن مسعود: "بين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي إلى الماء خمسمائة عام، والعرش على الماء، والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه" (٣).

ثالثاً: العرش أكبر المخلوقات وأعظمها وأثقلها.

إن عرش الرحمن يعتبر أكبر مخلوقات الله وأوسعها وأعظمها على


(١) أصول السنة (ص ٨٨).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية (ص ٢٦، ٢٧).
واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٣/ ٣٩٦).
وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص ١٠٠) وقال: «رواه سنيد بن داود بإسناد صحيح».

<<  <  ج: ص:  >  >>