للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإطلاق، فقد خص الله ﷿ العرش بهذه الميزة العظيمة وشرفه بها مع غيرها من الميزات لكي يتناسب مع ذلك الشرف العظيم ألا وهو استواء البارئ ﷿ عليه.

وعظم العرش وسعة خلقه قد دل عليهما القرآن والسنة، فالله يقول في محكم التنزيل: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، فالله سبحانه وصف العرش في هذه الآية وغيرها بكونه عظيماً في خلقه وسعته، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "أي هو مالك كل شيء وخالقه لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى" (١).

ومما يشهد لعظم العرش وسعة خلقه الأحاديث والآثار التي تتحدث عن كبر حجمه وسعته، فقد جاء في الحديث أن النبي قال: "إن عرشه على سمواته وأرضه هكذا" وأشار بأصابعه مثل القبة، فالنبي يشبه العرش أنه كالقبة على هذا العالم المكون من السموات والأرض وما فيهما وكالسقف عليهما.

وفي هذا بيان واضح على عظم العرش وكبر مساحته.

وفي حديث أخر يبين لنا مدى عظم العرش وكبر مساحته، فليس العرش أكبر من السموات والأرض فقط، بل هو من الكبر وسعة الحجم بحيث لا تعدل السموات والأرض على سعة حجمهما بجانبه شيئاً يذكر، فعن أبي ذر أن رسول الله قال: "يا أبا ذر ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة".

وفي رواية "ما السموات السبع والأراضون السبع وما بينهن وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة".

فالحديث كما أسلفنا دليل واضح على سعة العرش وعظم خلقه، وأما مقدار ذلك الحجم وتلك السعة فلا يعلمها إلا الله تعالى.

قال عبد الله بن عباس : "الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى" (٢).


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٤٠٤).
(٢) أخرجه الدارمي في الرد على بشر المريسي (ص ٧١، ٧٣، ٧٤). وعبد الله بن أحمد في السنة (ص ٧٠، ١٤٢). وابن جرير في التفسير (٣/ ١٠). والطبراني في المعجم الكبير (١٢/ ٣٩، برقم ١٢٤٠٤). والدارقطني في الصفات (ص ٣٠). والحاكم في المستدرك (٢/ ٢٨٣). والخطيب البغدادي في تاريخه (٩/ ٢٥١ - ٢٥٢) من أوجه. والهروي في الأربعين (ص ١٢٥).
كلهم من طريق سفيان الثوري عن عمار الذهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً.
قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي. وذكر هـ الذهبي في العلو (ص ٦١) وقال: (رواته ثقات). وقال الألباني: (هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، وتابعه يوسف بن أبي إسحاق عن عمار الذهني) انظر مختصر العلو (ص ١٠٢). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٣٢٣): (رجاله رجال الصحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>