للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٥٢) «واعلم أن من المتأخرين من يقول: مذهب السلف: إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد، وهذا لفظ مجمل، فإن قوله: ظاهرها غير مراد، يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين؛ مثل أن يُراد بكون الله قِبَل وَجه المصلي: أنه مستقر في الحائط الذي يُصلي إليه، وأن (الله معنا) ظاهره: أنه إلى جانبنا، ونحو ذلك، فلا شك أن هذا غير مراد».

سبق الحديث عن مقالة التفويض في عدة مواطن من هذا الشرح بما يغني عن إعادة شرح هذه المسألة فليرجع إلى تلك المواطن.

فالمفوضة هم الذين قالوا: إن هذه النصوص على خلاف ظاهرها، والمراد منها لا يعلمه إلا الله. فسكتوا عن بيان المراد منها زعمًا منهم أنه لا يعلم ذلك إلا الله .

فهم في هذا يخيرون أنفسهم بين طريقين: إما أن يأوِّل، وإما أن يفوِّض كما يقول ناظمهم في هذا، يقول اللقاني ناظم جوهرة التوحيد، يقول في هذا:

«وكل نص أوهم التشبيها … أوله أو فوِّض ورُم تنزيها «(١)

ويقول شارحها البيجوري: «الحاصل أنه إذا ورد في القرآن أو السنة ما يشعر بإثبات الجهة أو الجسمية أو الصورة أو الجوارح، اتفق أهل الحق وغيرهم ما عدا المجسِّمة والمشبهة، على تأويل ذلك لوجوب تنزيهه تعالى عما دلَّ عليه ما ذكر بظاهره» اه.

فالغاية واحدة وهي على حد زعمهم تنزيه الله ﷿ عن صفة اليد مثلاً، أو تنزيهه عن صفة الاستواء.

لكن بعد ذلك طريقهم في هذا على أحد أمرين: إما أن يقولوا: استوى بمعنى استولى، أو اليد بمعنى النعمة أو القدرة، أو يسكت عن ذلك فيقول: الله أعلم


(١) جوهرة التوحيد ص ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>