للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمراده لكن النتيجة واحدة، وهي إنكار الاستواء، وإنكار صفة اليد.

والفرق بين المفوض والمؤول أن المفوِّض يصرف اللفظ عن المعنى الراجح: لكن لا إلى معنى، بينما المؤول يصرف اللفظ عن المعنى الظاهر الراجح إلى معنى مرجوح، فيتفقان في صرف اللفظ عن المعنى المتبادر، ويفترقان في أن أحدهما يعطيه معنى آخر محتملاً، والثاني يمنع عنه المعنى، ولكنهم في النهاية يلتقون عند نتيجة مشتركة، وهي: رفض وصف الله بما وصف به نفسه وتنزيهه عما وصف به نفسه.

وقد أراد المفوض التخلص من أذى التأويل _ بل التحريف _ الذي يمرض القلوب فوقع في مرضٍ آخر هو التفويض الذي حقيقته تجاهل معاني أسماء الله وصفاته والادعاء بأن الله أنزلها ولم يرد منا معرفة معناها فجهلها رسول الله وأصحابه، وكان يحفظ أسماءً مجردة عن المعاني.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأبو المعالي وأتباعه نفوا هذه الصفات -أي الصفات الخبرية-موافقة للمعتزلة والجهمية. ثم لهم قولان:

أحدهما: تأويل نصوصها، وهو أول قولي أبي المعالي، كما ذكره في الإرشاد.

والثاني: تفويض معانيها إلى الرب، وهو آخر قولي أبي المعالي كما ذكره في "الرسالة النظامية" وذكر ما يدل على أن السلف كانوا مجمعين على أن التأويل ليس بسائغ ولا واجب.

ثم هؤلاء منهم من ينفيها ويقول: إن العقل الصريح نفى هذه الصفات. ومنهم من يقف ويقول: ليس لنا دليل سمعي ولا عقلي، لا على إثباتها ولا على نفيها، وهي طريقة الرازي والآمدي). (١)

والقائلين بالتفويض هم على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: يقولون: الله أعلم بما أراد بها، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية عما علمناه.

فهؤلاء سكتوا عن بيان المراد منها زعمًا منهم أنه لا يعلم ذلك إلا الله ، فقالوا: إن هذه النصوص على خلاف ظاهرها، والمراد منها لا يعلمه إلا الله.

القسم الثاني: يقولون: يجوز أن يكون ظاهرها المراد اللائق بجلال الله، ويجوز


(١) -درء تعارض العقل والنقل ٥/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>