للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• حديث أبي سعيد الخدري ، أنه سمع رسول الله يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" (١).

فبين النبي في هذا الحديث مراتب إنكار المنكر، وأنه حسب الاستطاعة فإما أن يغير باليد أو باللسان أو بالقلب، بمعنى يكرهه بقلبه، وهذه المراتب الثلاث للإنكار يقوم بها المكلف على قدر استطاعته، ولا شك أن المرتبة الأخيرة باستطاعة جميع المكلفين، فمن رأى المنكر ولم يكرهه بقلبه وهو يعلم أنه منكر فإن هذا يكون علامة على ضعف إيمانه.

وقد احتج بهذا الحديث على زيادة الإيمان ونقصانه وتفاضل أهله فيه النسائيُ في سننه فبوب له ب "باب تفاضل أهل الإيمان" (٢).

وابن منده في كتابه الإيمان فقال: "ذكر خبر يدل على أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالأركان يزيد وينقص" (٣) ثم ذكر حديث أبي سعيد .

وبوب له النووي في شرحه لمسلم ب "باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص … " (٤).

ثالثاً: أقوال السلف الصالح في زيادة الإيمان ونقصانه (٥)

لقد جاء عن السلف الصالح آثار كثيرة قرروا فيها ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله من حجج ودلالات على زيادة الإيمان ونقصانه، فبينوا أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وكثرة العبادة والمداومة عليها، وينقص باللهو والغفلة والمعصية والتقصير في فعل الطاعة، بل لقد حكى إجماعهم واتفاقهم على ذلك غير واحد من أهل العلم.

قال يحيى بن سعيد القطان: "ما أدركت أحداً من أصحابنا، إلا على سنتنا في الإيمان، ويقولون: الإيمان يزيد وينقص (٦).


(١) رواه مسلم (٢/ ٢٢ نووي).
(٢) سنن النسائي (٨/ ١١).
(٣) الإيمان لابن منده (٢/ ٣٤١).
(٤) شرح صحيح مسلم للنووي (٢/ ٢١) وانظر مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية (٣/ ٣٤٣).
(٥) المصدر: كتاب زيادة الإيمان ونقصانه ص ١٠٦ - ١٠٧.
(٦) رواه ابن هاني في مسائل الإمام أحمد (٢/ ١٦٢) وذكر نحوه الذهبي في السير (٩/ ١٧٩) في ترجمة يحيى بن سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>