للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه الشعب متفاوتة ليست على درجة واحدة في الفضل، بل بعضها أفضل من بعض، كما هو ظاهر لفظ الحديث في قوله: "أعلاها "وقوله: "أدناها"، فشعب الإيمان منها ما يزول الإيمان بزوالها إجماعاً كشعبة الشهادتين، ومنها ما لا يزول بزوالها إجماعاً كترك إماطة الأذى عن الطريق، وبينهما شعب متفاوتة تفاوتاً عظيماً منها ما يقرب من شعبة الشهادتين، ومنها ما يقرب من شعبة إماطة الأذى" (١).

وقال الشيخ العلامة ابن سعدي بعد ذكره لحديث أبي هريرة: "وهذا صريح في أن الإيمان يزيد وينقص بحسب زيادة هذه الشرائع والشعب، واتصاف العبد بها أو عدمه، ومن المعلوم أن الناس يتفاوتون فيها تفاوتاً كثيراً، فمن زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فقد خالف الحس، مع مخالفته لنصوص الشرع كما ترى" (٢).

• حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "لا إيمان لمن لا أمانة له" (٣).

فهذا الحديث دليل على أن من لا أمانة له، فقد نقص فيه شيء من واجبات هذا الدين، فيذهب عنه كمال الإيمان الواجب وتمامه، ويكون بذلك مؤمناً ناقص الإيمان (٤).

يوضح الاستدلال بهذا الحديث ويبينه ما جاء عن عروة بن الزبير أنه قال: "ما نقصت أمانة عبد قط إلا نقص إيمانه" (٥)، فنقص الأمانة في العبد دليل على نقص الإيمان وضعفه فيه.

• ولهذا لما سئل الإمام أحمد مرة عن نقصان الإيمان احتج بهذا، قال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله وسئل عن نقص الإيمان فقال: حدثنا وكيع عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال: "ما انتقصت أمانة رجل إلا نقص إيمانه". (٦)


(١) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (ص ٣٢٢ (.
(٢) التوضيح والبيان لشجرة الإيمان (ص ١٤ (.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ١٣٥)، وابن أبي شيبة في مصنفه (١١/ ١١) وفي الإيمان (ص ٥)، وابن حبان في صحيحه (١/ ٢٠٨ الإحسان)، والبغوي في شرح السنة (١/ ٧٥)؛ وقال البغوي: "هذا حديث حسن وصححه الألباني في تحقيقه للإيمان لابن أبي شيبة.
(٤) انظر الفتاوى (١١/ ٦٥٣ (.
(٥) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١١/ ١٢) وفي الإيمان (ص ٦)، وعبد الله في السنة (١/ ٣٦٨) والخلال في السنة (ق ١٥٩/ ب) والآجري في الشريعة (ص ١١٨) والبيهقي في الشعب (١/ ١٩٧)، وابن بطة في الإبانة (برقم: ١١٤١ (.
(٦) رواه الخلال في السنة (برقم: ٧٨٩)، والآجري في الشريعة (ص ١١٨)، وابن بطة في الإبانة (برقم ١١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>