للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«إلى أن قال: ويُقرون أن الله يجيء يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢]».

يُقِرُّ أهلُ السُّنَّة بمجيء الله يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢]؛ قال الطبري: «يقول تعالى ذِكره: وإذا جاء ربُّك-يا محمد-وأملاكُه صفوفًا صفًّا بعد صفٍّ»، ثم أورد من الأحاديث والآثار ما يُثبت مجيء الله تعالى (١).

وقال ابنُ كثير: «﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾، يعني: لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد ؛ فيشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء فيشفعه الله في ذلك، فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفًا صفوفًا» (٢).

وقال أبو الحسن الأشعري في عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث: «وأنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته، كما قال: ﴿وجاء ربك والملك صفًّا صفًّا» (٣).

وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية: «أمَّا كون إتيانه ومجيئه ونزوله ليس مثل إتيان المخلوق ومجيئه ونزوله، فهذا أمر ضروريٌّ متفق عليه بين علماء السنة ومَن له عقل، فإن الصفات والأفعال تَتبع الذات المتصفة الفاعلة، فإذا كانت ذاته مُباينة لسائر الذوات ليست مثلها لزم ضرورة أن تكون صفاته مباينة لسائر الصفات ليست مثلها، ونسبة صفاته إلى ذاته كنسبة صفة كل موصوف إلى ذاته. ولا ريب أنه العلي الأعلى العظيم فهو أعلى مِنْ كل شيء وأعظم من كل شيء، فلا يكون نزوله وإتيانه بحيث تكون المخلوقات تحيط به أو تكون أعظم منه وأكبر هذا ممتنع … والأحسن في هذا الباب مراعاة ألفاظ النصوص فيُثبت ما أثبت الله ورسوله باللفظ الذي أثبته وينفى


(١) «تفسير الطبري» (٢٤/ ٤١٧ - ٤١٩).
(٢) «تفسير ابن كثير» (٨/ ٣٩٩).
(٣) «مقالات الإسلاميين واختلاف المصليين» (ص ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>