للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما نفاه الله ورسوله كما نفاه، وهو أن يثبت النزول والإتيان والمجيء، وينفى المِثل والسَّمِي والكفؤ والنِّدَّ» (١).

«وأن الله يَقرب من خلقه كيف شاء؛ كما قال: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦]».

ثم تكلم عن صفة القرب؛ فقال: «وأن الله يَقرب من خلقه كيف شاء كما قال: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾».

والقرب في اللغة: الدنو، والمعنى: أن الله سبحانه فوق سماواته على عرشه، كما أنه يقرب من عباده في آخر الليل، وهو فوق عرشه، فإنَّ علوه سبحانه على سماواته من لوازم ذاته، فلا يكون قط إلا عاليًا ولا يكون فوقه شيء ألبته، كما قال النبي أعلم الخلق بربِّه: «وأنت الظاهر فليس فوقك شيء» (٢)، وهو سبحانه قريب في علوه، عالٍ في قُربه، كما جاء في الحديث الصَّحيح عن أبي موسى الأشعري قال: «كنا مع رسول الله في سفر، فارتفعت أصواتنا بالتكبير؛ فقال : «أيُّها الناس، ارْبَعوا على أنفسكم (٣)؛ فإنَّكم لا تَدْعُون أصمَّ ولا غائبًا؛ إنَّ الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عُنق راحلته» (٤)، فأخبر أنه أقرب إلى أحدهم مِنْ عُنُق راحلته، وأخبر أنه فوق سماواته على عرشه، مُطَّلع على خَلقه، يرى أعمالهم ويعلم نِيَّاتهم، وهذا حقٌّ، ولا يناقض أحدهما الآخر، والله لا يعجزه شيء، ولا يستحيل عليه أن يكون فوق عرشه ويقرب من خلقه كيف شاء؛ وتقدست أسماؤه وعظمت صفاته (٥).

فالله سبحانه تعالى يقرب من خلقه كيف شاء ومتى شاء، ولا تنافيَ بين هذا القرب وبين علوه على خلقه واستوائه على عرشه.


(١) «مجموع الفتاوى» (١٦/ ٤٢٢ - ٤٢٤).
(٢) رواه مسلم (٥٠١٧) من حديث أبي هريرة .
(٣) أي: ارفقوا بها، ولا تُبالغوا في الجهر.
(٤) أخرجه البخاري (٤٢٠٥) ومسلم (٢٧٠٤).
(٥) انظر: «مختصر الصواعق» (٢/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>