(١٩)(ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين أو ألوفًا)
خامساً: أقوال السلف.
مقصود المصنف ﵀ أن هناك مئات أو ألوف النصوص التي تؤكد أن عقيدة السلف في هذه المسألة هي هذه، وأنت لو رجعت إلى قدماء الأشاعرة، كالبيهقي مثلاً وهو من قدماء الأشاعرة، والأشاعرة يجعلونه من أوائلهم، أو ارجع إلى ابن فورك، أو ارجع إلى الباقلاني، فهذه كتبهم موجودة وهم من قدماء الأشاعرة، ومع ذلك لم ينكروا العلو، بل أثبتوا صفة العلو.
فلو تجاهلنا علماء السلف، فعلى أقل الأمور أن يرجع الإنسان إلى كتب قدماء الأشاعرة، فإن كتب قدماء الأشاعرة لا تنكر صفة العلو بل تثبتها، وهذا كتاب التمهيد للباقلاني مثلًا، أو كتب البيهقي، مثل كتاب الأسماء والصفات مثلًا.
فكتب قدماء الأشاعرة تؤكد أن عقيدة القدماء منهم، هي إثبات صفة العلو؛ لأن الأشاعرة المتأخرين إنما تأثروا بهذا الفكر وحملوه من المعتزلة وليس عن قدمائهم؛ لأنه لم يكن عند القدماء من خلل إلا في إنكار ذلك النوع من الصفات، فالقدماء أخذوا عقيدتهم من الكلابية، والكلابية كان إنكارهم والخلل عندهم إنكارهم صفات الأفعال الاختيارية، لكن الجويني إمام الحرمين، ثم مَنْ جاء من بعده كالغزالي إلى الرازي إلى غيرهم، هؤلاء هم الذين أنكروا مثل هذه الصفات وهي مما أخذوه من المعتزلة.
وكذلك تأثر المعتزلة بهذا الفكر من الجهمية، فهذا الفكر لم يكن موجودًا عند واصل بن عطاء، ولكن تلاميذ المعتزلة هم الذين أخذوا فكر إنكار الصفات، أما واصل فكان خلله في مسائل محدودة، منها مرتكب الكبيرة، ومنها مسألة القدر، ولم يكن عند واصل بن عطاء ولا من في طبقته إنكارٌ للصفات، وإنما جاء هذا عند تلاميذ المعتزلة.