للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكما يقول شيخ الإسلام: "إذا كان الغلط في الأوائل شبرًا صار من بعده ذراعًا، ثم باعًا، ثم إلى ما شاء الله" (١)، فالبعد عن الكتاب والسُنَّة لا شك أنه طريق هلاك.

فإذًا أقوال السلف موجودة، وإن شئت ارجع إلى شرح أصول اعتقاد أهل السُنَّة للالكائي، وإن شئت ارجع إلى كتاب الشريعة للآجري، وإن شئت ارجع إلى كتاب السُنَّة للإمام أحمد، والسُنَّة لعبد الله بن الإمام أحمد، وكتب السلف الحمد لله مطبوعة ومخدومة في هذا الزمان.

ولذلك مَنْ كان على عقيدة أهل السُنَّة عليه أن يعتني بجمع المأثور، وينظر في المأثور عن علماء السلف في صفات الله تعالى، وهو محفوظٌ وبأسانيده بفضل الله تعالى، فهو العلم كما قال الإمام الشافعي:

العلم ما كان فيه قال حدثنا وما سوى ذلك وسواس الشياطين

فينبغي لطالب العلم إذا أراد أن يكون على بصيرةٍ وعلى بينة، وأراد أن يؤصِّل لنفسه، فعليه أن يعتني بالمأثور، فما جعل الكثير من طلبة العلم في حيرةٍ واضطراب، وفي شكٍ وارتياب إلا أنهم لم يجعلوا لعلمهم الذي يعتنون بجمعه أصلًا وأساسًا يعتمدون عليه، بل غاية الكثير منهم إذا استحسن كلامًا من فلان، قال به وحمله في فكره وفي رأسه، ثم يأتي آخر بكلامٍ يناقضه ويضادُّه فيحمله، فيكون في حيرةٍ واضطراب، وتستمر هذه الحيرة معه، لأنه لا يعلم مع مَنْ يعلم مع مَنْ يتلقى وممن يأخذ، فتجده اليوم على فكرٍ معين ثم غدًا على فكرٍ آخر، وكل هذا سببه السطحية التي هو عليها، وإذا أردت أن تؤسِّس علمًا واعتقادًا في نفسك فاجعله على هذه الثوابت.

فانظر إلى ما في كتاب الله تعالى واعرفه واحفظه، وانظر إلى ما في سنة المصطفى -واعرفها واحفظها، وانظر فيما هو من المأثور من كلام السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم واعرفه واحفظه، ثم بعد ذلك يكون قد وسعك ما وسعهم ولك في ذلك غنية، فهم أئمة وأعلام هدى، والعلم يؤخذ منهم وعنهم وكما يقول بعض السلف: «من لم يسعه ما وسع الرسول وما وسع الصحابة فلا وسع الله عليه» (٢).

ولا شك أن كل واحدٍ يعرف لهؤلاء ما لهم من قدر، وما لهم من منزلة، سواء


(١) انظر كتاب بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية صفحة (٤٥١).
(٢) انظر كتاب سير أعلام النبلاء الجزء (١١) صفحة (٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>