للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانوا أصحاب محمدٍ -فهم خير هذه الأمة، قومٌ اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه.

ولذلك ابن مسعود، وهو صحابي جليل يحث على هذا المنهج فيقول: " مَنْ كَانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فإنَّ الْحَيَّ لَا تُؤمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ "، يقول هذا وهو في وقته.

وبعد ذلك يقول: " أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ، كَانُوا أَفْضَلَ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبَرَّهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، اخْتَارَهُمُ الله لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ، وَلِإِقَامَةِ دِينِهِ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَاتَّبِعُوهُمْ عَلَى أَثَرِهِمْ، وَتَمَسَّكُوا بِمَا اسْتَطَعْتُم منْ أَخْلَاقِهِمْ وَسِيَرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ " (١).

هذه كلمات قالها ابن مسعود -ومشهورٌ عن ابن مسعود -أنه من أشدِّ الصحابة محاربةً للبدع، فانظر إلى هذه الكلمات وتمعنها فهي تضع منهجا وترسم طريقا، "أولئك أصحاب محمد"، لماذا الإعراض عن هؤلاء؟ وعن كلامهم؟

أليسوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا؟

أليسوا أعمقها علمًا؟

أليسوا أقلَّها تكلفًا وبُعدًا عن البدع والأهواء؟

أليسوا قوماً اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه وإقامة دينه؟ فلماذا نعرض عن كلامهم وعن المأثور عنهم اعتقادًا وعملًا؟

فينبغي للإنسان أن يسير على هذا النهج، ثم إذا وجدت كتابًا يسير على هذا النهج فافرح به، واسعَ لحفظه، ولا تكن ممن قال عنهم علي : "همج رعاع أتباع كل ناعق" (٢)، فليس كل مَنْ تكلم أو تفوَّه بكلمة واستطاع أن يقنعك بها، ليس هو على الحق، وإلا سيتعدد الحق، ويضطرب الناس، ويضطرب الفكر. قال الإمام مالك إمام دار الهجرة ورَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "أو كلما جاءنا رجل ألحن بحجته من الآخر أخذنا بقوله وتركنا ما نزل به جبريل عَلَى مُحَمَّد ".

ولكن عليك أن تعتمد هذا الأصل وهذه القاعدة، وتؤسِّس علمك عليها، فإنه


(١) انظر شرح السنة للبغوي برقم (١٠٥)، ومشكاة المصابيح (١٩٣)، قال الشيخ الالباني ضعيف.
(٢) انظر جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر الجزء الثاني، صفحة (٩٨٤) برقم (١٨٧٧)، وقال وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ يُسْتَغْنَى عَنِ الْإِسْنَادِ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>