للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مُنَاظَرَاتٌ وَمُفَاوَضَاتٌ يَطُولُ وَصْفُهَا، فَلَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ بَلَدَهُمْ، وَتَمَكَّنَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ، نَهَيْتُهُمْ عَنْ قَتْلِهِمْ وَعَنْ سَبْيِهِمْ، وَأَنْزَلْنَاهُمْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مُتَفَرِّقِينَ لِئَلَّا يَجْتَمِعُوا. " (١)

تاسعاً: من سمات أهل السنة أنهم يعطون كل ذي حق حقه وهم أبعد الناس عن التكفير.

قال ابن تيمية : "ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد ويذم، ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم". (٢)

وقال ابن تيمية: "وهذه حال أهل العلم والحق والسنّة؛ يعرفون الحق الذي جاء به الرسول؛ وهو الذي اتفق عليه صريح المعقول وصحيح المنقول؛ ويدعون إليه؛ ويأمرون به نصحاً للعباد، وبياناً للهدى والسداد. ومن خالف ذلك لم يكن لهم معه هوى، ولم يحكموا عليه بالجهل، بل حكمه إلى الله والرسول؛ فمنهم من يُكفره الرسول، ومنهم من يجعله من أهل الفسق أو العصيان، ومنهم من يعذره ويجعله من أهل الخطأ المغفور. والمجتهد من هؤلاء المأمور بالاجتهاد، يجعل له أجراً على فعل ما أمر به من الاجتهاد، وخطؤه مغفور له؛ كما دلّ الكتاب. " (٣)

وقال ابن تيمية: "وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَلَا يُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ، بَلْ هُمْ أَعْلَمُ بِالْحَقِّ وَأَرْحَمُ بِالْخَلْقِ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ ١١٠]. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "كُنْتُمْ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ" (٤). " (٥)

وقال ابن قيم الجوزية : وهو يتكلم عن أهل السنة: "فكل حق مع طائفة من الطوائف فهم يوافقونهم فيه وهم براء من باطلهم فمذهبهم جمع حق الطوائف بعضه إلى بعض والقول به ونصره وموالاة أهله من ذلك الوجه ونفي باطل كل طائفة من


(١) منهاج السنة النبوية ٥/ ١٥٩ - ١٦٠
(٢) منهاج السنة النبوية ٤/ ٥٤٣
(٣) النبوات لابن تيمية ١/ ٤٢٢
(٤) وَرَدَ هَذَا الْأَثَرُ فِي: الْبُخَارِيِّ ٦/ ٣٧ - ٣٨ كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ، بَابُ ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ وَنَصُّهُ فِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِلْآيَةِ ٢/ ٧٧ ط. دَارَ الشَّعْبِ"
(٥) منهاج السنة النبوية ٥/ ١٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>