للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذا الجواب تضمن ثلاثة أمور:

الأمر الأول: إثبات صفة الاستواء لله ﷿.

الأمر الثاني: نفي مماثلة صفات الله ﷿ لصفات المخلوقين.

الأمر الثالث: عدم الخوض في كيفية صفات الله ﷿.

فما أخبر الله به في هذه الآية يجب أن يُثبت لله تعالى، فإذا قال تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، فإن هذا يوجب على المؤمن أن يصدق به، لأن نصوص القرآن والسنة تدور حول حالين:

الحال الأول: إما أن يُخبر الله تعالى بشيء.

كقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، هذا إخبارٌ.

الحال الثاني: وإما أن يأمر بشيء.

مثل قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾، فهنا أمر من الله لعباده بأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.

فالخبر يجب على المؤمن تجاهه التصديق، فإذا أخبرنا الله تعالى بأنه استوى على عرشه، فإن علينا أن تصدق بأن الله تعالى استوى على عرشه، وإذا جاءنا الأمر مثل: وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة، فيجب علينا الامتثال والانقياد، فإن كان أمر إيجاب يجب علينا أن نقوم به، وإن كان أمر نهيٍ فيجب علينا أن ننتهي عنه.

فالواجب على الموحد إذا أخبر الله تعالى باستوائه على عرشه أن يعتقد ثلاثة أمور:

أولاً: يجب عليه أن يؤمن بأن الله مستوٍ على عرشه استواءً حقيقة كما أخبر في كتابه وعلى لسان رسوله .

ثانياً: أن يثبت لله استواءً يليق بجلاله وكماله تعالى؛ لِأن الله تعالى قد قال في آية أخرى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، فمعنى هذا أن الله في استوائه على عرشه لا يماثله في ذلك أحدٌ من خلقه، ونعني بذلك أن الله تعالى لا يحتاج إلى العرش ولا يفتقر إليه.

ثالثاً: يجب علينا ألا نخوض في كيفية استوائه، هذا أمرٌ لا ينبغي ولا يجوز للمسلم أن يخوض فيه.

فإذاً تُثبتُ ما أثبته الله لنفسه؛ لأن الله أخبر بذلك، ومع إثبات ذلك يجب أن تعتقد أن الله تعالى لا يماثله ولا يساويه في ذلك أحدٌ من خلقه، مع عدم الخوض في كيفية الاستواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>