للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض" (١).

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله : "يطوي الله السموات والأرض ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون" (٢).

فالآيات والأحاديث السابقة تدل على أن السموات والأرض وما فيهما تقبض وتطوى وتبدل.

وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى كالجنة والنار والعرش (٣).

فعلى هذا يكون العرش ليس داخلا فيما يقبض ويطوى ويبدل، والأدلة على بقاء العرش كثيرة في الكتاب والسنة، فالله يقول مخبرا عن بقاء عرشه يوم القيامة: ﴿وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة ١٤ - ١٧].

وكذلك ما جاء في سورة الزمر من إخباره تعالى بقبضه للأرض وطيه للسموات بيمينه وذكر نفخ الصور وصعق من في السموات والأرض إلا ما شاء الله، ثم ذكر النفخة الثانية التي يقومون بها، وأن الأرض تشرق بنور ربها وأن الكتاب يوضع، ويجاء بالنبيين والشهداء، وأنه توفى كل نفس ما عملت، وذكر سوق الكفار إلى النار، وسوق المؤمنين إلى الجنة إلى أن قال تعالى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ. وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الزمر ٧٤ - ٧٥].

فالآيات فيها إخبار عن الموقف يوم القيامة وفيها شاهد على أن العرش باق حتى بعد انتهاء الحساب.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما العرش فلم يكن داخلا فيما خلقه في الأيام الستة ولا يشقه ويفطره، بل الأحاديث المشهورة دلت على

ما دل عليه القرآن من


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، انظر فتح الباري (١٣/ ٣٦٧).
ومسلم في صحيحه، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، (٨/ ١٢٦).
(٢) صحيح مسلم كتاب صفة القيامة (٨/ ١٢٦).
(٣) الفتاوى (١٨/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>