للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٢٢) "فلئن كان ما يقوله هؤلاء المتكلمون المتكلفون هو الاعتقاد الواجب، وهم مع ذلك أُحيلوا في معرفته على مجرد عقولهم، وأن يدفعوا بمقتضى قياس عقولهم ما دل عليه الكتاب والسنة نصًا أو ظاهرًا، لقد كان ترك الناس بلا كتاب ولا سنة أهدى لهم وأنفع على هذا التقدير، بل كان وجود الكتاب والسنة ضررًا محضًا في أصل الدين. "

لو كان الحق فيما يزعم هؤلاء فالنصوص تقول شيئاً، وهم يقولون شيئاً آخر، فالحق واحد لا يتعدد، فإما أن يكون الحق في صف هذه النصوص، وإما أن يكون الحق في صف هؤلاء، فأنت اجمع واعقد مقارنة كما يرشدك شيخ الإسلام، اجمع النصوص واقرأها، ثم انظر في قول هؤلاء، هل تجد في قول هؤلاء ما يدل عليه النصُّ ويؤكده؟ أم أن قولهم على خلاف ما يقول النصُّ؟

فإذًا بعد ذلك، فماذا بعد الحق إلا الضلال، فإما أن يكون الكتاب والسُنَّة وسلف الأمة على الخطأ وحاشا أن يكون الأمر كذلك، وإما أن يكون هؤلاء على الخطأ، وهذا الأمر من أوضح وأبين ما يكون، فإنهم على الخطأ البيِّن، إذا كان الأمر في مثل هذه المقارنة.

فإذًا كما يقول المصنف: كيف يُعقل أن الحق يكون على خلاف ما جاء في النصوص، ثم الحق الذي يجب اعتقاده لا يبوحون به قط، هل نقول بعد ذلك إن للشريعة ظاهراً وباطناً؟، ونزعم كما زعم الباطنية من الرافضة والصوفية، أو أن للنصوص شريعة وحقيقة.

فلا شك أن هذا الشرع واحد، وأن ظاهره وباطنه سواء، ولا يقول مثل هذا الكلام إلا مَنْ انحرفت عقيدته من المتصوفة والباطنية، فهؤلاء الذين إذا جئت تخاطبهم فقالوا: اذهبوا عنا أنتم علماء الشريعة ونحن علماء الحقيقة، وأنتم علماء الظاهر ونحن علماء الباطن، فالشريعة ظاهرها وباطنها سواء والأمر واحد ولا يختلف، فيطرح المصنف مثل هذا الاستفهام وكيف يكون هذا الحق ثم لا يعتقدونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>